Durra Gharra
الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء
Mai Buga Littafi
مكتبة نزار مصطفى الباز
Inda aka buga
الرياض
Nau'ikan
Siyasa da Shari'a
وَأما حَال الْوَزير فِي الْخصْلَة الرَّابِعَة وَهِي التَّحَمُّل: فَيَنْبَغِي للوزير أَن يتَحَمَّل الْأَمَانَة الَّتِي عرضهَا الله تَعَالَى على السَّمَاوَات وَالْأَرْض، فعجزوا عَن تحملهَا، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: ﴿إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة على السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فأبين أَن يحملنها وأشفقن مِنْهَا وَحملهَا الْإِنْسَان﴾ (الْأَحْزَاب ٧٢) .
وَالْمرَاد بالأمانة فِي هَذِه الْآيَة على قَول بعض الْمُفَسّرين: الْفَرَائِض الَّتِي افترضها الله تَعَالَى على الْعباد، وَشرط عَلَيْهِم أَن من أَدَّاهَا جوزي بِالْإِحْسَانِ، وَمن خَان فِيهَا عُوقِبَ.
وَقيل: الْعَهْد الَّذِي يلْزم الْوَفَاء بِهِ، وَلَا يخون الْوَزير فِي ذَلِك الْأَمَانَة كي لَا يخجل عِنْد رد الْأَمَانَة إِلَى أَهلهَا، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾ (النِّسَاء ٥٨) .
واما الْحَالة الثَّانِيَة للوزير، وَهِي الَّتِي بَين الْوَزير والأمير: فَيَنْبَغِي للوزير أَن يُرَاعِي فِي هَذِه الْحَالة أَيْضا أَرْبَعَة خِصَال:
أَحدهَا: الاسْتقَامَة.
وَالثَّانِي: الْعُلُوّ. وَالثَّالِث: الثَّبَات. وَالرَّابِع: التَّحَمُّل.
أما حَال الْوَزير فِي الاسْتقَامَة: فَيَنْبَغِي للوزير أَن يكون ظَاهره وباطنه مَعَ الْأَمِير وَاحِدًا، وَأَن يطهر الْوَزير قلبه عَن الْحَسَد، والخيانة، والغل، والغش، فِي حق الْملك.
وَأَيْضًا يَنْبَغِي للوزير إِذا دخل عِنْد الْملك أَن يسكت، وَلَا يبْدَأ الْكَلَام حَتَّى يتَكَلَّم الْملك، وَكلما تكلم الْملك من الْكَلَام الطّيب والردئ يَقُول الْوَزير: صدق الْأَمِير، ويراعي الْوَزير مزاج الْأَمِير وَالْملك، وَلَا ينافق الْأَمِير وَالْملك بِأَن يَقُول إِذا خرج من عِنْد الْملك مساوئ الْملك للنَّاس، وينكر أَقْوَال الْملك وأفعاله، ويشكو النَّاس عَن الْملك وَيَقُول: إِن الْملك ظَالِم وجاهل، وَلَا يسند الْوَزير طمعه فِي أَمْوَال النَّاس إِلَى الْملك، وَيُبرئ نَفسه عَن ذَلِك الطمع، وكل ذَلِك من النِّفَاق.
1 / 219