الدر النثير والعذب النمير
«في شرح مشكلات وحل مقفلات اشتمل عليها كتاب التيسير لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت ٤٤٤ هـ)»
تأليف
عبد الواحد بن محمد بن أبي السداد «أبي محمد» المالقي (ت ٧٠٥ هـ)
تحقيق ودراسة
أحمد عبد الله أحمد المقرئ
[الجزء الأول]
Shafi da ba'a sani ba
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 3
قال تعالى:
﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩]
1 / 5
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة المحقق
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله والصلاة والسلام على رسول الله الذي صح عنه في الحديث المتفق عليه (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة) (١).
وبعد .. فمن نعم الله تعالى على أن جعلني من حملة كتابه والمشتغلين بدراسته وقراءته وأحكامه وآدابه، ومنذ أن حفظت القرآن الكريم وأنا مشغوف بكل ما يتصل بكتاب الله تعالى، لذلك فقد اتجهت إلى الإلتحاق بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
وبعد التخرج التحقت بقسم الدراسات العليا وكان موضوع بحثى لنيا الدرجة العالمية (الماجستير) - القراءات في تفسير الشوكاني - وقد نجحت في هذا المبحث بتقدير (ممتاز) والحمد لله.
ثم جعلت بحثي لنيل درجة الدكتوراه متصلا بدراستي السابقة فجعلت عنوانه (تحقيق ودراسة للدر النثير والعذب النمير في شرح مشكلات وقيد مهملات وحل معضلات اشتمل عليها كتاب التيسير).
وقد اخترت هذا الكتاب نظرًا لأهميته وقيمته العلمية حيث كان محكم التأليف، غزير المادة متقنا كل الإتقان، في غاية من الجودة والتنسيق العلمى، فهو من نفائس وأوسط كتب القراءات الذي لابد للمشتغل بعلم القراءات منه، وكيف لا. ومؤلفه إمام عصره في القراءات، والأصول، والفقه، واللغة العربية، وعلوم القرآن وغير ذلك.
_________
(١) صحيح مسلم ج ١ ص ٥٥٠ /تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي دار الفكر - بيروت ١٣٩٨ هـ - ١٩٧٨ م وصحيح البخارى ج ٦ ص ٢٠٦/ مطبعة محمد على صبيح وأولاده بمصر.
1 / 7
فآثاره العلمية واضحة في (الدر لنثير) الذي شمل المسائل، وجمع الشكل إلى شكله ورد النازح إلى أهله، وأضاف الجديد، ووسع الكلام توسيعًا كبيرًا بالتحليلات العلمية والروايات، والتعليللات متخذا التيسير، والتبصرة، والكافي، أساسًا ومنطلقًا لكل مسألة، ومعلوم أن التيسير من عيون كتب القراءات وعيانها لا شك في ذلك شاك ولا يكابر مكابر، وقد طار ذكره في الآفاق، وشرق، وغرب، وانجد، وأتهم، ولا يزال في مكان الصدارة عند المشتغلين بالدراسات القرآنية حتى وقتنا هذا. إلا أنه في مجال للتهذيب من حيث شرح مشكلاته وقيد مهملاته وحل معضلاته، فكان الدر هو ذاك التهذيب، ولا غرو فهذا شأن المتأخر مع المتقدم والاحق مع السابق، وتلك هى سنة العلوم في نشأتها ونموها وأطوارها وازدهارها، سيرى القاريء لذلك الدر مدى الجهد الذي بذله المصنف في تأليفه، وكم أنفق من عمره في تهذيبه، وتمحيصه كما سيرى مدى الإحسان والإتقان، والتوفيق، والسداد، من ابن السداد، ولو لم يؤثر في الثناء علي الدر إلا قول شمس الدين المحقق محمد بن محمد بن الجزري (ت ٨٣٣ هـ): (شرح المالقي كتاب التيسير شرحًا حسنًا أفاد فيه وأجاد) (١) يكفي.
فمن هنا تتجلى أهمية كتاب الدر النثير الذي قمت بكشف الغطاء عنه وتحقيقه.
وأسأل الله تعالي أن يجعل عملي خالصًا لوجهه
إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد
وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
_________
(١) غاية النهاية ج ١ ص ٤٧٧ انظر ص ٥.
1 / 8
أهم الأعمال التي قمت بها أثناء تحقيقي ودراستي للكتاب
كان عملي في التحقيق على النحو التالي ..
١ - قمت بتحقيق اسم الكتاب.
٢ - وثقت اسم الكتاب للمؤلف بما أوضحته من أدلة قاطعة للشك.
٣ - قمت بنسخ النسخة التي اعتمدتها أصلًا.
٤ - طابقت بين النسخ التي عثرت عليها، وأثبتُ الفرق بينها واعتمدت أقدم هذه النسخ أصلًا للتحقيق، وأشرت إليها بنسخة (الأصل) كما تقدم.
وبهذه المقابلة كملت النسخة انتي يمكن الإعتداد بها على أنها أقرب نسخة إلى نص المؤلف.
٥ - أثبت الصواب والنقص من النسخ الفرعية في الأصل بين قوسين () وأشرت في الهامش إلى مصدر التكملة والتصويب.
٦ - شرحت المفردات اللغوية التي تحتاج لذلك.
٧ - حققت النصوص التي نقلها المؤلف عن غيره بالرجوع إلى مصادره التي نقل عنها إلا ما تعذر الوصول إليه.
٨ - علقت على بعض المسائل التي أعتقد أنها تفيد القاريء وذلك في الهامش.
٩ - ميزت بين النص والشرح، وذلك بالإِشارة إلى النص بحرف (م) وإلى الشرح بحرف (ش).
١٠ - شرحت مصطلحات المؤلف في الكتاب.
١١ - قمت بتوجيه بعض القراءات.
١٢ - وثقت القراءات التي ذكرت، ونسبتها إلى أصحابها، معتمدًا في ذلك على مصادر سابقة للمؤلف، وأخرى تالية له، زيادة في التوثيق.
1 / 9
١٣ - حصرت المصادر التي اعتمد عليها المؤلف في الكتاب.
١٤ - نبهت على مواضع إنتهاء لوحات نسخة الأصل. بالمخطوط المائلة الدالة على ذلك مع ذكر رقم اللوحة في اليسار.
١٥ - قمت بتخريج جميع الحروف القرآنية التي ذكرها المؤلف بذكر أرقام آياتها وسورها.
١٦_قمت الأحرف القرآنية بالرسم العثماني وبرواية، حفص عن عاصم في كل موضع جاءت القراءة فيه غير مقيدة بوجه، فإذا جاءت معزوة إلى قاريء بعينه أثبت المقتضى في ذلك.
١٧ - بينت ضعف حديث عبد الله بن جبير في باب الإستعاذة، وكذا حديث عبد الله بن مسعود، وأن الثاني لا أصل له.
١٨ - قمت بتخريج الأحاديث النبوية.
١٩ - عزوت الأشعار لأصحابها وللمصادر المذكورة فيها.
٢٠ - ترجمت للأعلام الواردين في الكتاب إلاما تعذر الوصول إليه، وهو نادر، وقد حرصت على أن تكون الترجمة شاملة لإسم القاريء وكنيته، ولقبه، ونسبه، ثم لبعض ما قرأ عليه، ومن قرأ عليهم عرضًا أو سمعًا ثم لتاريخ وفاته.
وأشكر الله جل ثناؤه وتباركت أسماؤه أن يسر لي أسباب تحقيق هذا الكتاب، وأعانني عليه حتى خرج من الظلمات إلي النور، وأخذ مكانه بين هذا التراث العظيم من كتبْ القراءات، وعلوم القرآن العظيم (وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) هود ٨٨.
والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
1 / 10
الباب الأول
1 / 11
الترجمة للمؤلف:
اسم المؤلف.
وكنيته.
ولقبه.
ونسبته.
اسمه: أجمع المؤرخون على أن اسمه عبد الواحد بن محمد بن علي بن أبي السداد (١)
كنيته: أطبق المؤرخون على أن كنيته (أبو محمد) (٢)
لقبه: اشتهر بالمالقي والبائع) (٣)
_________
(١) انظر بغية الوعاة للسيوطي ج ٢ ص ١٢١، وغاية النهاية ج ١ ص ٤٧٧، ومعجم المؤلفين ج ٥ ص ٢١٣، والإحاطة في أخبار غرناطة ج ٣ ص ٥٥٣، وطبقات المفسرين للداودي ج ١ ص ٣٥٩.
(٢) انظر المصادر السابقة.
(٣) انظر المصادر السابقة.
1 / 13
نسبته:
قال المؤرخون في نسبة المؤلف، المالقي، الأندلسي، الباهلي الأموي (١)
فالأموي - نسبة إلي بنى أمية.
والباهلي - نسبة إلى (باهلة) وهي في قبيلة (٢)
والأندلسي - نسبة إلى الأندلس، وهي المنطقة التي شملها الإسلام سلطانا وسكانا من شبه الجزيرة الأبيرية، وتطلق اليوم على (أسبانيا) (والبرتغال) (٣)
والمالقي - نسبة إلى مالقة وهي ثغر هام يقع على شاطئ الجحر الأبيض المتوسط في الجنوب الشرقي للأندلس، على مقربة من الجزيرة الخضراء وجبل طارق، ومالقة في التقسيم الأسباني الجديد مديرية من مديريات منطقة الأندلس وفيها مسجد كبير الساحة مشهور وهو الآن كنيسة. (٤)
_________
(١) انظر بغية الوعاة للسيوطي ج ٢ ص ١٢١/ وغاية النهاية ج ١ ص ٤٧٧، ومعجم المؤلفين ج هـ ص ٢١٣/ والإحاطة في أخبار غرناطة ج ٣ ص ٥٥٣. وطبقات المفسرين للداودي ج ١ ص ٣٥٩.
(٢) القاموس المحيط لمجد الدين يعقوب بن الفيروز آبادي (ت ٨١٧ هـ) ج ٣ ص ٣٣٩/ مطبعة الحلبي.
(٣) الحلل السنية في الأخبار والأثار الأندلسية/ الأمير شكيب أرسلان ج ١ ص ١٩٢ - ١٩٣/ ط ١ - ١٣٥٥ هـ (١٩٣٦ م) والتاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة/ د./ عبد الرحمن الحجي ص ٣٧ المطبعة دار القلم / ١٣٩٦ هـ (١٩٧٦ م).
(٤) انظر الدولة الموحدة بالمغرب في عهد عبد المؤمن بن علي/ د. - عبد الله علي العلام ص ١٦٣/ دار المعارف - مصر.
1 / 14
المبحث الثالث من الباب الأول: مولده ونشأته
مولده:
لم تذكر المصادر التي بين أيدينا شيئًا عن تاريخ ميلاده ولذا فإنه لا يمكن تحديد سنة ولادته، غير أن أحد شيوخه الذين أخذ عنهم توفي سنة (٦٦٦ هـ) وهو محمد بن أحمد بن عبيد الله بن العاص الإشبيلي، وعلى هذا يمكن على وجه التقريب أن يقال بأن المؤلف ولد النصف الأول من القرن السابع الهجري - والله أعلم.
نشأته:
لم تذكر المصادر التي وقفت عليها شيئا عن نشأة المؤلف، ولا عن حال أسرته الإجتماعية، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أنه كان من العلماء المغمورين الذين لم تسلط عليهم الأضواء، ومع ذاك يمكنني أن أقول: إن المؤلف نشأ في أسرة كانت تسكن (مالقة) من بلاد الأندلس وهي الآن من مدن (أسبانيا) ويؤيد ذلك النسبة السابقة (المالقي).
المبحث الرابع من الباب الأول -: شيوخ المؤلف، ومدى تأثره بهم
تتلمذ عبد الواحد المالقي على طائفة من أعلام عصره، وروى عن جمع من مشاهيرهم أذكر منهما ما يلي:
١ - محمد بن أحمد بن عبيد الله بن العاص (أبو بكر) التجيبي، الإشبيلي، أستاذ، مصدر، أخذ السبع عن أبي بكر عتيق، وأبي الحسين بن عظيمة، والكافي علي أبي العباس بن مقدام، وأبي الحكم بن نجاح عن أبي الحسن شريج.
قرأ عليه أبو جعفر بن الزبير الحافظ، وأثنى عليه، وجلس دهرا يقرئ الناس
1 / 15
بمالقة، وروى عنه الكافي سماعا صاحب الترجمة (٥٧٩ ت ٦٦٦ هـ (١)
٢ - محمد بن محمد بن أحمد بن مشليون (أبو بكر) بن عبد الله الأنصاري البلنسي أستاذ، مقرئ كبير، مشهور، عارف - قرأ على أبيه بالثمان، وعلي أبي جعفر الحصار ومحمد بن أحمد بن مسعود الشاطبي، وبرواية يعقوب علي ابن نوح الغافقى، وأجازه ابن أبي جمرة محمد بن أحمد بن عبد الملك، أقرأ الناس بسبتة، ثم بتونس، وطال عمره، وبعد صيته، قرأ عليه القراءات أبو إسحاق الغافقي - مقرئ سبتة.
وأبو العباس البطرني شيخ تونس - وحدث عنه بالتيسير سماعا عبد العزيز بن عبد الرحمن بن أبي زكنون التونسي، وقاسم بن عبد الله بن محمد الأنصاري - شيخ أبي البركات، وحدث عنه بالتيسير.
٣ - الحسين بن عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن محمد بن أبي الأحوص، الأستاذ المجود، (أبو علي) الحياني، الأندلسين الفهري، المعروف بابن الناظر قاضي المرية ومالقة.
قرأ الروايات على أبي محمد بن الكواب، وأبي الحسن بن الدباجه، وقرأ اليسير والشاطبية علي أبي بكر بن محمد بن وضاح اللخمي، وأبي عامر يزيد بن وهب الفهري بإجازتهما من ابن هذيل، وروى التبصرة عن موسى بن عبد الرحمن بن يحيى بن العربي، وتصدر للإقراء بمالقة وألف الترشيد في التجويد.
قال أبو حيان - رحلت إليه من غرناطة لأجل الاتقان والتجويد، وقرأت عليه القرآن من أوله إلى آخره، وحدث عنه بالتيسير سماعا، والتبصرة قرءاة المؤلف (ت ٦٨٠ هـ) (٢).
_________
(١) غاية النهاية ج ٢ ص ٧٠.
(٢) غاية النهاية ج ١ ص ٢٤٢، ٢٤٣.
1 / 16
٤. - أحمد بن إبراهيم الزبير بن محمد بن إبراهم بن الزبير بن الحسن ابن الحسين (أبو جعفر) الثقفي، الامام، الأستاذ، الحافظ، المؤرخ، انتهت الرياسة إليه في العربية، ورواية الحديث، والتفسير، الأصول.
ولد في حيان، وأقام بمالقة، فحدثت له فيها شئون، ومناغصات، فغادرها إلي غرناطة، فطاب بها عيشه، وأكمل ما شرع فيه من مصنفاته، كصلة الصلة الذي وصل به (صلة ابن بشكوال) و(البرهان في ترتيب سور القرآن) كان معظمًا عند الخاصة والعامة.
قرأ على أبي الوليد اسماعيل بني يجيى بن أبي الواليد العطار، صاحب ابن حسنون صاحب شريح، وعلى أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن يحيى الشاوي، وسمع التيسير من محمد بن عبد الرحمن بن جوبر عن أبي جمرة عن أبيه، عن الداني بالإجازة، وهو سند في غاية العلو والحسن.
وقد قرأ عليه خلق لا يحصون منهم: الوزير أبو القاسم محمد بن محمد بن سهل الأسدي الغرناطي، ومحمد بن علي بن أحمد بن مثبت شيخ القدس، والأستاذ أبو حيان النحوي، وأحمد بن عبد الولي العواد، أبو الحسن على بن سليمان الأنصاري وموسى بن محمد بن موسى لا جرادة، والامام صاحب الترجمة، وحدث عنه بالتيسير سماعا (٦٢٦ ت ٧٠٨ هـ) (١).
٥ - يوسف بن ابراهيم بن يوسف بن سعيد بن أبي ريحانة، (أبو الحجاج) الأنصاري المالكي، الشهير بالميريلي.
قرأ على أبي عبد الله محمد بن زرقون، وروى الحروف التيسير عن عتيق بن علي بن خلف.
قرأ عليه علي بن سليمان بن أحمد الأنصاري، وروى عنه التيسسير قراءة صاحب الترجمة (٢)
_________
(١) النهاية ج ١ ص ٣٢، ٣٣ / والإحاطة ج اص ٧٢. والدرر الكامنة ج ١ ص ٨٤. والبدر الطالع ج ١ ص ٣٣. وشذرات الذهب ج ٦ ص ١٦.
(٢) النهاية ج ٢ ص ٣٩٣.
1 / 17
٦ - عبد الرحمن بن عبد الله بن سليمان بن داود بن عبد الرحمن بن حوط الله (أبو عمر) الأنصاري، الحارثي.
قرأ على أبي الخطاب أحمد بن محمد بن واجب القيسي، وروى عنه التيسير وعن محمد بن سعيد بن زرقون.
قرأ عليه محمد بن أحمد الطنجالي، وعلى بن سليمان الأنصاري، وإبراهيم بن وثيق، وحدث عنه بالتبصرة سماعا المؤلف (١)
٧ - محمد بن عياش بن محمد بن أحمد بن عياش (أبو عبد الله) الحزرجي، القرطبي.
قرأ على قاسم بن محمد الطيلسان الأوسي، وأبي بكر والده.
قرأ عليه عبد الله بن علي بن سلمون، ومحمد بن يحيى الأشعري، قاضي الجماعة، وروى عنه التبصرة قراءة: المؤلف (٢).
٨ - إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل (أبو الوليد) - الأزدي الغرناطي، الشهير بالعطار - مقرئ، مصدر.
قرأ بالروايات على ابن حسنون صاحب شريح، وعلى أبي بكر عبد الله بن عطية المحاربي.
قرأ عليه: أبو جعفر بن الزبير، وروى عنه كتاب التبصرة، وغيرها بالإجازة المؤلف (٣).
٩ - القاسم بن أحمد بن حسن (أبو القاسم) الحجري، الشهير بالسكوت روى القراءة عن عبد الله بن عبد العظيم الزهري، وأبي بكر عبد الرحمن بن دَحْمان.
روى القراءات عنه من التيسير صاحب الترجة (٤)
_________
(١) النهاية ج ١ ص ٣٧٢.
(٢) النهاية ج ٢ ص ٢٢٣.
(٣) النهاية ج ١ ص ١٧٠.
(٤) النهاية ج ٢ ص ١٦.
1 / 18
مدى تأثر المالقي بشيوخه:
فإن قيل: إلى أي مدى كان تأثره بشيوخه؟
قلت: لقد كان لأساذته الأثر الواضح فيه، إذ قد سار على نهجهم واتبع أثرهم.
فهؤلاء شيوخه في القراءات قد جلسوا للاقراء، والتعليم، والتأليف كالإشبيلي، وابن أبي الأحوص، وابن انربير، فاقتفى أثرهم حيث جلس للإِقراء تلقين القراءات والتأليف
المبحث الخامس من الباب الأول: تلاميذ المؤلف ومدى أثره فيهم:
تصدر المالقي التعليم القرآن الكريم، واشتهر بالفقه، والضبط، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان، فتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم:
١ - محمد بن يحيى بن بكر (أبو عبد الله) الأشعري، قاضى الجماعة بغرناطة إمام مقرئ.
قرأ عليه أبو القاسم، محمد بن محمد بن الخشاب وأبو عبد الله، محمد بن علي الحفار وقرأ على صاحب الترجمة.
قال ابن الجزري: أخبرنا عنه غير واحد من شيوخنا (١)
٢ - محمد بن أحمد بن علي بن حسن بن علي بن الزيات الكلاعي (أبو بكر) المقرئ، الراوية، المشارك في فنون كثيرة كالقراءات، والفقه، والعربية والأدب والفرائض، تولى القضاء ببلده وخلف أباه على الخطابة والإمامة، واقرأ ببلده فانتفع به، قرأ على المؤلف، وعلى شيخ الجماعة الأستاذ (أبي جعفر) بن الزبير وعلي أبي الحسن (بن الحسن) المزحي و(أبي الحسن) فضل بن فضيلة، وأبي عبد الله بن رشيد. (٢)
_________
(١) النهاية ج ٢ ص ٢٧٦.
(٢) الإحاطة في أخبار غرناطة ج ٢ ص ١٣٨. والنهاية ج ٢ ص ٤٧٧.
1 / 19
٣ - محمد بن عبيد الله بن محمد (أبو بكر) بن منظور القيسي، أديب من أعلام القضاة، أصله من أشبيلية من بيت علم وفضل، نشأ بمالقة، ثم كان قاضيها وخطيبها وتوفى فيها فيها بالطاعون (٧٥٠ هـ).
من كتبه: (نفحات النسوك وعيون التبرك المسبوك في أشعار الخلفاء والوزراء والملوك) و(السجم الواكفة في الرد على ما تضمنه المضنون به من اعتقادات الفلاسفة) (١).
أثر المالقي في تلاميذه:
فإن قيل ما أثره في تلاميذه؟
قلت: لقد كان له الأثر الواضح في تلاميذه: إذ اقتفوا أثره، وانتهجوا نهجه في الإقراء، والتدريس، والتأليف.
المبحث السادس من الباب الأول: مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه ووفاته:
بلغ المالقي مكانة سامية من العلم والمعرفة، والشهرة والتدريس، فقد خاض ﵀ بحر العلوم -، من قراءات وحديث، وتفسير، وفقه، وأصول، وغير ذلك، وألف في القراءات والفقه، كما تقدم، وحاضر ودرس الدروس العامة، والخاصة في جامعي غرناط، ومالقة، وانتهت اليه رياسة الإِقراء فيها، كل هذه الأمور استوجبت ثناء العلماء عليه.
فقد قال محمد بن يوسف بن حيان (ت ٧٤٥ هـ) .. المالقي، أستاذ، مقرئ نحوي. وقال ابن الخطيب: كان أستاذا حافلا متقنا، مضطلعا، إماما في القراءات وعلومها جائزًا قصب السبق، إتقانا، وأداءً ومعرفة،
_________
(١) الأعلام ج ٧ ص ١٤١ إيضاح المكنون ج ٢ ص ١٩٩، ٢٠٠، ٦٦٦. وهدية العارفين ج ٢ ص ١٥٦، ١٥٧. ومعجم المؤلفين ج ١ ص ٢٥٠ - والنهاية ج ١ ص ٤٧٧.
1 / 20
ورواية وتحقيقا، ماهرا في صناعة النحو، فقهيا، أصواليا، حسن التعليم، مستر حسن القراءة، فسيح التحليق، نافعا، منجبا، بعيد المدى، منقطع القرين في الدين المتين والصلاح وسكون النفس، ولين الجانب، والتواضع، وحسن الخلق ووسامة الصورة، مقسوم الأزمنة على العلم وأهله، كثير الخشوع والخضوع، قريب الدمعة، أقرأ عمره، وخطب بالمسجد الأعظم من مالقة، وله شعر (١).
وقال ابن الجزري: عبد الواحد بن محمد بن أبي السداد: أستاذ كبير (٢).
المبحث السابع من الباب الأول: ثقافته العلمية:
كان المالقي ﵀ متعدد الثقافة بارعا في أهم العلوم. كعلوم القرآن والقراءات، والأصول والفقه والنحو، ومن طالع كتابه شرح التيسير علم مقدار الرجل وما كان عليه من طول يد في جميع العلوم، وبخاصة القرآن وعلومه واللغة العربية، فسبحان الفتاح العليم، وله شعر، منه قوله في، الوعظ والزهد:
لئن ظن قوم من أهل الدنا ... بأن لهم قوة أو غنى
لقد غلطوا ويحهم بجمع مالهم ... فتاهوا عقولا وعموا أعينا
فلا تحسبوني أرى رأيهم ... فإني ضعيف فقير أنا
وليس افتقاري وفقري معا ... إلى الخلق فما عند خلق غنا
ولكن إلى خالقي وحده ... وفي ذاك عز ونيل المنى
فمن ذل للحق يرق العلا ... ومن ذل للخلق يلق العنا (٣)
_________
(١) الإحاطة في أخبار غرناطة ج ٣ ص ٤٥٤.
(٢) غاية النهاية ج ١ ص ٤٧٧.
(٣) انظر الإحاطة في أخبار غرناطة ج ٣
1 / 21
المبحث الثامن من الباب الأول: مصنفاته:
اتفق المترجون للمالقي على أن له مؤلفات في القراءات والفقه، غير أنهم لم يذكروا من أسمائها إلا (شرح التيسير) (١).
وهو الكتاب الذي بين أيدينا، وقد بحثت عن أسماء تلك المصنفات في مظانها، فلم أقف على شئ منها، فهى مجهواء الأسماء والأماكن.
المبحث التاسع من الباب الأول: وفاته:
أجمع المؤرخون على أن المالقي توفى خامس ذي القعدة سنة خمس وسبعمائة (٧٠٥ هـ) وشهد جنازته عدد كثيرٌ وجملة الطلبة وأهل العلم على رؤوسهم، ودفن بمالقة - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - رحمة واسعة، وجزاه أفضل الجزاء (٢)
_________
(١) النهاية ج ١ ص ٤٧٧ / وبغية الوعاة ج ٢ ص ١٢١. وأخبار غرناطة ج ٣ ص ٥٥٣، ٥٥٤/ ومعجم المؤلفين ج ٥ ص - ٢١٣. وطبقات المفسرين ج ١ ص ٣٥٩ - ٣٦٠.
(٢) الإحاطة ج ٣ ص ٥٥٤/ وغاية النهاية ج ١ ص ٤٧٧. وبغية الوعاة ج ٢ ص ١٢١/ ومعجم المؤلفين ج ٥ ص ٥١٣. وطبقات المفسرين للداودي ج ١ ص ٣٦٠.
1 / 22
الباب الثاني
1 / 23
(تحقيق عنوان الكتاب):
هو .. (الدر النثير والعذب النمير في شرح مشكلات، وحل مقفلات اشتمل عليها كتاب التيسير) هكذا سماه المؤلف في مقدمة الكتاب (١). فإذا لا خلاف في اسمه.
وأما المترجمون للمصنف: فمهم من اكتفى بالإِخبار عن كونه شرح التيسير من غير ذكر عنوان للكتاب (٢). ومنهم من اقتصر على بعض عنوان الكتاب الذي وضعه المؤلف مع اختلافهم في ذلك.
فقال بعضهم: وله شرح التيسير في القراءات (٣).
وقال آخرون: الدر النثير والعذب النمير في شرح كتاب التيسير (٤)، ويوجد هذا الِإسم على الصفحة الأولى من جميع النسخ التي بين يدي، ما عدا احدى النسخ التركية المشار اليها بـ (ت) فعلى الصفحة الأولى منها (كتاب شرح التيسير) وهذا الإختصار مألوف في التسمية إذا كان الإسم مركبا فيكتفى بذكر بعضه مما يدل عليه. والله أعلم.
_________
(١) انظر ص ٣
(٢) الإحاطة ج ٣ ص ١٥٤، وغاية النهاية ج ١ ص ٤٧٧.
(٣) الديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب ج ٢ ص ٦٣.
(٤) الأعلام ج ٤ ص ٢٧٧.
1 / 25