365

Dutsen Da Aka Tsara

الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم

Nau'ikan

Fikihu Shia

ولم يزل في كل عصر إمام يقفو أثر إمام، وداع إلى الله وإلى إحياء شرع رسوله عليه الصلاة والسلام وعلى آله، وكل من قام ذلك المقام تحتمت طاعته على جميع الأنام، ولزم الاعتناء بأمره والاهتمام، والجهاد معه بالنفوس والأموال من غير إحجام، وإعانته بحقوق الله المالية على مر الأيام، يستوي في التكليف بذلك الملوك والسوقة، ويحرم على كل من الملوك والسلاطين والأوساط أن يضيع حقوقه أو يرتكب عقوقة، وسواء في ذلك من قربت داره وشط مزاره، ولن يعلو عنه رفيع لعلو درجته، ولا ينحط عنه وضيع لسقوط منزلته، وكل واحدة من هذه القضايا عليها براهين قاطعة، ودلائل واضحة أنوارها ساطعة، تشمل عليها أسفار العلوم، ويطلع المهرة فيها على سرها المكتوم، وإنا في عصرنا هذا لما حزنا بلطف الله الشرائط المعتبرة، وفزنا بإعانة الله بسلوك طرقها المتوعرة، طمحت إلينا الآمال، وشدت إلى أبوابنا لطلب ذلك الأمر منا الرحال، وعكف لدينا لأجله فحول الرجال، وبالغ في ذلك أرباب الفضل والكمال، فدعونا إلى الله دعوة مرضية محمودة، مقبولة عند العلماء والحكماء والفضلاء والنبلاء غير مردودة، انتشرت في الأقطار، كانتشار أنوار النهار، وسارت في البوادي والأمصار كمسير المثل السيار، وتغلغلت في الآفاق مبتسمة الثغور، منتشرة الأنوار، فلباها من عقد عليه من التوفيق نطاق، وتغافل عنها من ضربت الغفلة عليه برواق، وإن ممن أجاب داعيها، ولبى مناديها كثير من السلاطين والملوك الظرفاء كسلاطين الحرمين الشريفين زادهما الله شرفا، وكذلك ملك اليمن، وصاحب تعز وزبيد وعدن، وأما علماء الأمة وأرباب الفضل والحكمة ومن تتجلى بنور هدايتهم كل ظلمة، فأتباعنا منهم العدد الكثير، والجم الغفير، وأشياعنا من هذا الجنس في البوادي والأمصار لا يؤتى لهم على انحصار، ولما كان ملك الإسلام، المؤنس بأنوار عدله وجهاده للأرجاء الموحشة، ممن ترمق العيون إلى مناصرته في هذا الشأن، ومظاهرته وإعانته في تقوية كلمة الحق وحسن إعانته، لما يبلغ عنه من الأوصاف السنية، والوظائف الزكية، والهمم العلية، والشيم المرضية، وجهنا إليه هذه المقالة الغراء والرسالة العذراء تعريفا له بالحال ، فلا عتب على من لم يطلع عليه، وتبليغا إلى مقامه الأعز لهذه الدعوة، فلا تكليف بها على من لم تبلغ إليه، ملتمسين منه الأخذ من هذه الدعوة الهادية بنصيب، والرمي في درك فضلها بسهم مصيب، والالتفات إلى جانب الإعانة بهمة أديب، والتعويل على حميد السعاية في شأنها بنهضة لبيب، والاهتمام بتقويمها على البعيد السحيق، بفؤاد قريب، والاعتقاد الجازم بعظم قدرها من غير شك مريب، وإنه لجدير أن يكون الأمل فيه محققا، والظن في مكارمه ومحامده مصدقا، فمن كان مثله شنشنته الجهاد لأعداء الله، وأعداء دين رسول الله الذي بلغه إلى أمته وأداه، وبعثه به الرب الحكيم وارتضاه، كان خليقا بأن يمنح أولاد ذلك الرسول المبعوث ودا، ولا يجري منه لدعوة القائم منهم ردا، وقمينا (1) بأن يحييها مسرعا ويلبيها، ويكون له الحظ الأوفر فيها، فمن حق خاتم الرسل ومبلغ الأنباء ما أشير إليه في الذكر الحكيم من المودة في القربى.

Shafi 381