Dutsen Da Aka Tsara
الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم
Nau'ikan
شاهدنا كثيرا من المتدينين في هذا الزمان، والمتسمين بسمة الفضل وقوة الإيمان، يتلقون كثيرا من قطاع الصلوات، والمدمنين على الخمر في أكثر الأوقات، والمجترئين على قتل النفوس المحرمات، بالبشاشة والاستبشار، وخفض الجناح ومجانبة الإنكار، إذا أنسوا منهم الإنقياد إلى مذهبهم في هذا الشأن، والاعتماد على ما قد بنوا عليه من ذلك والارتكان، ويعاملون أهل المعرفة الصحيحة، والأديان القويمة الصريحة، المخالفين لهم في العقيدة، وإن صدرت المخالفة عن قاعدة أكيدة، بالمجانبة والمباينة وعدم المحاسنة والملاينة، حتى كأنه لم يشرع من الدين ولا بعث سيد المرسلين إلا لهذه المسألة، وأما بقية الأركان فمغفلة مهملة، وقد يقع منهم الإفراط في التنكير إلى الحكم على المخالف بالتكفير، من ذلك ما وقفت عليه لبعض الكبراء في كتاب له بخط يده يتضمن ما معناه وأكثر ألفاظه: من أحب خصام الإمام فقد انسلخ عن الإسلام، وصارت زوجته معه في حيز الحرام!
فيا لله وللمسلمين من هذه الدعاوي الصادرة عن غير يقين، لم يسبق إلى مثلها أحد من الأئمة السابقين، ولا سلك منهجها سيد الوصيين، وقد جمع الخوارج بين تكفيره وقتاله، ومحاولة هلاكه واستئصاله، فنزههم مع ذلك عن الكفر، وناهيك بما ارتكبوه في حقه، وهو الذي لا ريب في زيادة فضله وعلو سبقه، بحيث أن غيره لا يبلغ عشر المعشار من مقداره، وما أدركه من الفضل وأحرزه من العلم فقطرة من أقطاره.
ولو أن رجلا قتل الإمام لم يحكم بكفره، فكيف بمن قاتله؟ فكيف بمن خاصمه؟ فكيف بمن أحب خصامه؟ بل المشهور أن المعادي له بقلبه لا يعد فاسقا، ولا يجعل عن الدين مارقا، مع أن ذلك أبلغ في الخطر من محبة الخصام، فاعتبروا يا أولي الأفهام!!
Shafi 300