Dutsen Da Aka Tsara
الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم
Nau'ikan
[بحث حكم النافي لإمامة الإمام والمتوقف فيها وتخطئة
المفسقين لنا في إمامته]
والعجب مما ظهر في زماننا من تجاسر غير العارفين من المثبتين للإمامة على تفسيق النافي لها، أو المتوقف، ولعنه واعتزال الصلاة خلفه، مع أن التفسيق لا يصح الأخذ فيه والإثبات له إلا بالبرهان القاطع الذي لا مانع له ولا مدافع من كتاب صريح، أو خبر متواتر صحيح، أو إجماع قطعي، واستبعدوا أن يكون القياس من طرقه لتعسر القطع بعلة الحكم، وانحصارها، وعدم تعددها، والمعلوم أنك لو سألت كل واحد من هؤلاء المذكورين عن معنى الفسق وأسبابه، وطرقه وأحكامه، لما درى كيف يجيبك . دع عنك العلم بكون نفي الإمامة والتوقف فيها يقتضيه، وفي الحقيقة أن التعجب من علماء زماننا الراسخين في العلم -كثرهم الله ونفع بعلومهم- كيف سكتوا عمن هذه صفته، مع وجوب التنبيه والتعريف بما يتحتم في الدين الحنيف؟! فإنه إن سلم ثبوت الفسق في هذه المسألة لم يحسن تقرير أرباب التفسيق من غير استدلال وتحقيق، بل يجب الإنكار عليهم والإعذار في ذلك إليهم، فما ظنك بمن يلقن الجهلة ذلك، ويفتيهم به، ويأمرهم باعتقاده؟!
ثم إنا نقول: أي الأدلة المعتبرة دل على فسق من ينفي إمامة الإمام أو يتوقف فيها؟ وأي طرق الشرع أو العقل اقتضى ذلك؟! أما العقل فلا مجال له هنا، فما حجة القائلين بذلك، والذاهبين إليه من أدلة الشرع؟ أما أكثر أئمتنا وعلمائنا فالظاهر عنهم القول بعدم التفسيق، ولهذا نقل عنهم حسن الثناء على المشائخ المتقدمين على أمير المؤمنين عليه السلام : والترضية عنهم، والتعظيم العظيم لهم، مع أن أولئك المشائخ المذكورين نفوا إمامة علي عليه السلام وزادوا على النفي بما ظاهره البغي، فإنهم تصدروا وأهلوا نفوسهم للإمامة، ورأوا أنهم أولى بها منه، هذا وإمامته عليه السلام أظهر من إمامة غيره، لقيام النصوص عليه، ووضوح الأدلة على عصمته، وكثرة فضائله، وعلو شأنه، وارتفاع مكانه!!
Shafi 232