160

Duroos Sheikh Omar Al-Ashqar

دروس الشيخ عمر الأشقر

Nau'ikan

أداء الفرائض واجتناب المحرمات
السبيل الثاني: أن تقوم بالفرائض التي فرضها الله عليك، وأن تنتهي عن المحارم التي حرمها الله، وقد ذكر الرسول ﷺ في هذا الحديث أصول الفرائض فقال: (وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت)، وفي بعض الأحاديث قال: (إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها) أو كما قال الرسول صلوات الله وسلامه عليه.
فهناك فرائض لا بد من أدائها، وهي الحد الأدنى الذي ينجو صاحبه من النار بدون عذاب، وكذلك اجتناب المحارم حد أدنى، وصاحبه يسمى مقتصدًا في دين الله، قال الله: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾ [فاطر:٣٢] أي: يفعل الذنوب والمعاصي، ﴿وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾ [فاطر:٣٢] أي: موحد مخلص يأتي بالفرائض، ويجتنب النواهي، ولا يكثر من النوافل، ﴿وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾ [فاطر:٣٢] أي: يؤدي الفرائض ثم يكثر من النوافل.
وفي حديث الأعرابي عندما سأل الرسول ﷺ عن التوحيد، وسأله عن الصلاة والصوم والزكاة والحج، ثم قال: (لا أزيد على هذا، فقال: أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق)، فالمحافظة على الفرائض واجتناب النواهي هو الحد الأدنى الذي يدخل به المسلم الجنة من غير عذاب، وهذا هو المقتصد، وأما إذا أراد أن يتوسع في الخير فذلك له مجال آخر، وهو مجال النوافل ومجال الطاعات، ولذلك قال الرسول ﷺ لـ معاذ في هذا الحديث: (ألا أدلك على أبواب الخير؟)، إذا أردت أن تزداد خيرًا، وأن تزداد منزلة عند الله، وأن تزداد قربًا من الله ﷾، (ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة)، أي: أكثر من الصوم، فإنه جُنة في الدنيا يقي صاحبه من المعاصي والذنوب والآثام، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:١٨٣]، فمن الحكمة من تشريعه «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»، فهو جنة يقيك من الذنوب والمعاصي، ويوم القيامة جُنة من النار ووقاية منها.
ثم قال: (والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار)، أي: الذي يؤدي الزكاة ويكثر من الصدقة، ويكون كريمًا ومنفقًا ومتصدقًا فإن هذه الصدقات تطفئ الخطايا، فالخطايا نار تشتعل تأكل صاحبها وتفسد قلبه وروحه، وتجلب غضب الله ﷾ عليه، والصدقة تطفئ الخطيئة، كما يُصب الماء على النار فتنطفئ النار وينطفئ الجمر، وكذلك فعل الصدقات بالخطايا والذنوب.
قال: (وصلاة الرجل في جوف الليل)، ثم قرأ المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة:١٦ - ١٧]، فإذا أدى المسلم الفرائض، ثم صلى في جوف الليل -أي: في وسطه أو في آخره كما جاء في بعض الأحاديث عن الرسول ﷺ ركعات يؤديها تقربًا إلى الله والناس نيام، ويرجو بها ثواب الله، ويطمع في رحمته، ويخاف غضبه وعقابه؛ فإن هذا الفعل من أعظم القربات التي تقرب العبد من ربه ﷾.
فهذه بعض التوجيهات من الرسول ﷺ للمسلم إذا أراد أن يتوسع في أبواب الخير، أن يعلو عن درجة المقتصدين؛ ليكون في منزلة السابقين الذين يرفع الله مكانتهم ويعلي مقامهم.
أسأل الله ﷾ أن يجعلني وإياكم منهم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه.

18 / 6