Duroos by Sheikh Al-Uthaymeen
دروس للشيخ العثيمين
Nau'ikan
قصر الصلاة الرباعية
فمن أحكام السفر: أنه يشرع للإنسان أن يقصر الصلاة فيه؛ أن يقصر الصلاة الرباعية فيه إلى ركعتين؛ الظهر والعصر والعشاء يصليها ركعتين لأن هذا هو هدي النبي ﷺ، وواظب عليه ولم يتم يومًا من الأيام في سفره، وما روي عنه ﷺ أنه أتم فإنه حديث ضعيف لا يصح عنه ﷺ.
والقصر سنة مؤكدة، حتى قال بعض أهل العلم أنه واجب، أي أنه يجب على الإنسان أن يصلي الرباعية في السفر ركعتين، وأنه لو أتم كان تاركًا للواجب، ولكن الذي يظهر لي أن القصر ليس بواجب، ودليل ذلك: أن الصحابة ﵃ لما أتم عثمان بن عفان في منى وأنكر عليه من أنكر من الصحابة، حتى ابن مسعود ﵁ لما قيل له: إن أمير المؤمنين صلى أربعًا استرجع ورأى أن هذا من المصائب، ومع ذلك كان يصلي خلفه أربعًا، فكون الصحابة ﵃ يصلون خلف أمير المؤمنين عثمان أربعًا يدل على أن القصر ليس بواجب، لأنه لو كان واجبًا لكان إثمًا وحرامًا، وإذا كان حرامًا بطلت الصلاة به، وكون الصحابة يصلون ويعتدون بصلاتهم يدل على أن إتمام الصلاة بمبطل، وهذا يدل على أن القصر ليس بواجب، لكن لا شك أنه مؤكد إلا إذا صلى الإنسان خلف إمام يتم، فإن الواجب عليه أن يتم، سواء أدرك الصلاة من أولها أو في أثنائها، لعموم قول النبي ﷺ: (إنما جعل الإمام ليؤتم به)، وقوله: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا).
وسئل ابن عباس ﵄: ما بال الرجل -أي المسافر- يصلي ركعتين ومع الإمام أربعًا، قال: [تلك هي السنة] وكان ابن عمر ﵄ إذا صلى وحده صلى ركعتين ومع الإمام يصلي أربعًا، فالحاصل أن المشروع في حق المسافر هو القصر ما لم يصل خلف إمام يتم، فإنه يجب عليه الإتمام.
وهنا مسألة: إذا كان المسافر في البلد، فهل تسقط عنه صلاة الجماعة مع قرب المسجد وسماع الأذان؟
الجواب
يظن كثير من العامة أن المسافر لا تلزمه صلاة الجماعة وهذا ليس بصحيح، فالمسافر تلزمه صلاة الجماعة، لعموم الأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة من غير استثناء، ولأن الله ﷾ أوجب على المؤمنين المقاتلين أن يصلوا جماعة، فقال تعالى: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ﴾ [النساء:١٠٢] فإذا أوجب الله على المقاتلين في السفر صلاة الجماعة فالمسافرون الذين لا يقاتلون من باب أولى، نعم لو فرض أن الإنسان معه عابر سبيل لا يريد النزول فهذا لا يلزمه أن ينزل ليصلي مع الجماعة؛ لأن هذا يرهقه عن سفره، أو كان الإنسان في محل بعيد عن المسجد فإنه يعذر وله أن يصلي في رحله، أو كان الإنسان في بلد ليس فيه مسجد كما لو كان في بلد غير إسلامي فإنه يعذر، أو كان كذلك في بلد ولا يعرف المساجد فهو معذور، المهم أن المسافر تلزمه صلاة الجماعة مع المسلمين في المساجد إلا لعذر، خلافًا لما يظنه بعض الناس من أنه لا تلزمه الجماعة.
1 / 6