Durar
الدرر في اختصار المغازي والسير
Bincike
الدكتور شوقي ضيف
Mai Buga Littafi
دار المعارف
Lambar Fassara
الثانية
Shekarar Bugawa
١٤٠٣ هـ
Inda aka buga
القاهرة
ثُمَّ مَرُّوا١ عَلَى خَيْمَةِ أُمِّ مَعْبَدٍ، فَكَانَ مِنْ حَدِيثِهَا [فِي قِصَّةِ٢ شَاتِهَا] مَا هُوَ مَنْقُولٌ مَشْهُورٌ عَنِ الثِّقَاةِ*، وَنَهَضُوا قَاصِدِينَ عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ الْمَعْهُودَةِ. وَقَدْ وَصَفَ بَعْضُ أَهْلِ السِّيَرِ مَرَاحِلَهُ يَوْمًا فَيَوْمًا، وَلَمْ أَرَ لِذِكْرِهَا وَجها.
_________
= غَلَبَة بخيل وَلَا ركاب، وَقد بعثته لأمير الْمُؤمنِينَ يخْتَص بِهِ. فَرَأى عمر تِلْكَ اللية كَأَن نَارا أججت، وَكَأَنَّهُ يُرَاد عَلَيْهَا ويستعيذ بِاللَّه، فَأمر بالسفط، فَوضع بختمه فِي بَيت المَال واستدعى الْعَامِل من الْعرَاق، قَالَ: فصادفت عمر يطوف فِي أهل الصَّدَقَة فطفت مَعَه إِلَى أَن ارْتَفع النَّهَار، ثمَّ عَاد إِلَى منزله فَدَعَا بِمَاء، فاغتسل وَاغْتَسَلت، ثمَّ قدمت لَهُ صَحْفَة فِيهَا طَعَام غليظ، فَأكل، وَجعلت آكل، فَلَا أسيغ ذَلِك الطَّعَام، وَقد كنت اعْتدت درمك الْعرَاق إِذا وَضعته فِي سبقني إِلَى بَطْني، ثمَّ فرغ ودعا بالسفط، وَقَالَ: أتعرف ختمك؟ فَقلت: هُوَ هَذَا: فَحكى لي الْقِصَّة. ثمَّ دَعَا سراقَة بن مَالك بن جعثم وَكَانَ طوَالًا جدا، فألبسه حلَّة كسْرَى وَتوجه بتاجه وسواره بسواره ثمَّ قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي ألبس تَاج عَدو الله لسراقة ... قَالَ السُّهيْلي [الرَّوْض الْأنف ٢/ ٦]: وَكَانَ سراقَة أَعْرَابِيًا جلفا بوالا على عَقِبَيْهِ. ثمَّ قسم عمر ذَلِك بَين الْمُسلمين. وَكَانَ مِمَّا قوم بِمَال عَظِيم لما فِيهِ من الْجَوَاهِر. وَمَا نَدْرِي هَل كَانَ عمر سمع بوعد النَّبِي ﷺ أم وَافق ذَلِك خاطره، وَكَانَ مُحدثا "ملهما" ﵁ موفقا ﵀.
١ وَاضح أَن ابْن عبد الْبر يقدم لِقَاء الرَّسُول لسراقة على قصَّة أم معبد، وَأكْثر أهل السّير يؤخرون هَذَا اللِّقَاء إِلَى مَا بعد قصَّتهَا، وَرُبمَا قدمه ابْن عبد الْبر لِأَنَّهُ ورد فِي الحَدِيث الصَّحِيح الوثيق بِخِلَاف قصَّة أم معبد فَلم ترو عِنْد البُخَارِيّ وَلَا عِنْد مُسلم. وَأم معبد هِيَ عَاتِكَة بنت خَالِد إِحْدَى بني كَعْب من خُزَاعَة، كَانَ منزلهَا بِقديد، حَيْثُ أَخذ الرَّسُول كَمَا أسلفنا طَرِيق السَّاحِل. وَانْظُر قصَّتهَا فِي كتب السِّيرَة والاستيعاب ص٧٩٦ وَقد نقلهَا الْمُعَلق عَنهُ.
٢ زِيَادَة من ر.
* قلت: وَنحن نذْكر حَدِيث أم معبد، فَلَا غنى عَن ذكره فِي هَذَا الموطن:
مر النَّبِي ﷺ وَأَبُو بكر ودليلها على خَيْمَتي أم معبد فِي طَرِيق هجرته. وَكَانَت أم معبد بَرزَة "تظهر للنَّاس وتلقاهم" جلوة تَحْتَبِيَ "تجْلِس مؤتزرة بثيابها" بِفنَاء الْقبَّة وتسقى وَتطعم، فَسَأَلُوهَا لَحْمًا وَتَمْرًا يشترونه مِنْهَا، فَلم يُصِيبُوا عِنْدهَا شَيْئا وَكَانَ الْقَوْم مُرْمِلِينَ مُسنَّتَيْنِ فَنظر رَسُول الله ﷺ إِلَى شَاة فِي كسر الْخَيْمَة، فَقَالَ: "مَا هَذِه الشَّاة يَا أم معبد؟ " قَالَت: شَاة خلفهَا الْجهد عَن الْغنم. فَقَالَ: "هَل بهَا من لبن؟ " قَالَت: هِيَ أجهد من ذَلِك قَالَ: "أَتَأْذَنِينَ لي أَن أَحْلَبَهَا؟ " قَالَت: بِأبي أَنْت وَأمي إِن رَأَيْت بهَا حَلبًا "لَبَنًا يحلب" فاحلبها. فَدَعَا بهَا رَسُول الله ﷺ، فَمسح بِيَدِهِ ضرْعهَا، وسمى الله ﷿، ودعا لَهَا فِي شَاتِهَا، فتفاجت عَلَيْهِ وَدرت واجترت. ودعا بِإِنَاء يربض الرَّهْط حَتَّى علاهُ الْبَهَاء، ثمَّ سَقَاهَا حَتَّى رويت، وسْقا أَصْحَابه حَتَّى رووا، وَشرب آخِرهم ﷺ ثمَّ أراضوا. ثمَّ حلب فِيهِ ثَانِيًا بعد بَدْء، حَتَّى مَلأ الْإِنَاء. ثمَّ غَادَرَهُ عِنْدهَا. ثمَّ بَايَعَهَا [على الْإِسْلَام] ثمَّ ارتحلوا عَنْهَا. فَقل مَا لَبِثت حَتَّى جَاءَ زَوجهَا أَبُو معبد يَسُوق أَعْنُزًا عِجَافًا "هزيلة" تشاركن هزلا مُخّهنَّ قَلِيل. فَلَمَّا رأى أَبُو معبد اللَّبن عجب، وَقَالَ: من أَيْن لَك هَذَا وَالشَّاة عَازِب حِيَال "لَا تدر" وَلَا حَلُوب [شَاة مَدَرَة] فِي الْبَيْت؟ قَالَت: لَا وَالله إِلَّا أَنه مر بِنَا رجل مبارك من حَاله كَذَا. فَقَالَ: صَفيه لي يَا أم معبد. فَقَالَت: رَأَيْت رجلا ظَاهر الْوَضَاءَة، أَبْلَج الْوَجْه، حسن الْخلق، لم تَعبه نحلة [وَفِي الِاسْتِيعَاب والمصادر الْأُخْرَى: ثجلة وَهِي ضخم الْبَطن] وَلم تزر بِهِ صعلة، وسيما قسيما، فِي عَيْنَيْهِ دعجٌ، وَفِي أَشْفَاره [شعر أجفانه] عطف [هَكَذَا فِي الِاسْتِيعَاب] أَو غطف، وَفِي صَوته صَحِلَ، وَفِي عُنُقه سطح [طول] وَفِي لحيته كثاثة، أَزجّ] دَقِيق الحاجبين فِي طول [أقرن] [مقرون الحاجبين] إِن صمت فَعَلَيهِ الْوَقار، وَإِن تكلم سما وعلاه الْبَهَاء، أجمل النَّاس وَأَبْهَاهُ من بعيد، وَأحسنه وأجمله من قريب، حُلْو الْمنطق، فصل [مُحكم] لَا نزر وَلَا هدر كَأَنَّمَا مَنْطِقه =
1 / 83