المبحث الثالث وصيته، ووفاته
وبعد أن استقر في الروم في القسطنطينية، وألقى عصا الترحال فيها ولازم التدريس، والفتوى، والإفادة، والتأليف، حتى تقدم به السن، وألمَّ به ما يلمُّ بغيره من الوهن والضعف، حينها أسلم روحه لباريها في سنة (٨٩٣ هـ) (١).
وكان لوفاته حكاية، وهو أنه أمر يومًا في أوائل فصل الربيع أن تضرب له خيمة في خارج قسطنطينية، فسكن هناك إلى أول فصل الخريف، وفي هذه المدة كان الوزراء يذهبون إلى زيارته في كل أسبوع مرة، ثم إنه صلى الفجر في يوم من الأيام، وأمر أن ينصب له سرير في الموضع الفلاني من بيته في قسطنطينية، فلما صلى الإشراق جاء إلى بيته، واضطجع على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، وقال: أخبروا مَنْ في البلد من الذين قرؤوا عليَّ القرآن، فأخبروهم فحضروا كلهم، فقال لهم: لي عليكم حق، واليوم يوم قضائه، فاقرؤوا عليَّ القرآن العظيم إلى وقت العصر.
_________
(١) وأرخه السيوطي في نظم العقيان: ص/ ٣٩، سنة (٨٩٤ هـ).
وقيل: توفي سنة (٨٩٢ هـ)، وما ذكر في الصلب هو قول الأكثر والأرجح.
راجع: الأعلام للزركلي: ١/ ٩٤.
1 / 74