ومنهم من قال: ما لا حرج في فعله فهو حسن، وما فيه حرج فقبيح، فالمباح وفعل غير المكلف والمكروه حسن؛ لانتفاء الحرج منها، وفعل الله حسن بالتفسيرين، وكلام المصنف لا يوافق شيئًا من المذهبين؛ إذ المكروه على التفسيرين إما حسن، أو واسطة، وقد أدخله المصنف مع خلاف الأولى في القبيح، وما نقله عن إمام الحرمين دال على أن المختار عنده هو التفسير الأول.
وقد سبق في بحث الأحكام تحقيق معنى الحسن والقبح بما لا مزيد عليه، فراجعه (١).
قوله: "مسألة: جائز الترك ليس بواجب".
أقول: قد سبق في تعريف الحكم، وتقسيمه أن الوجوب عبارة [عن] (٢) اقتضاء الفعل مع عدم جواز الترك، يعني: ماهيته مركبة من هذين الأمرين، والمركب ينتفي بانتفاء أحد أجزائه، فلا يعقل أن يكون جائز الترك واجبًا، وقد خالف في ذلك الكعبي (٣) من المعتزلة وبعض الفقهاء.
(١) تقدم ص/٢٢٥ - ٢٣٢.
(٢) سقط من (أ) وأثبت بهامشها.
(٣) هو عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي البلخي، أبو القاسم رأس طائفة من المعتزلة تسمى الكعبية، له آراء خاصة انفرد بها في علم الكلام والأصول، له مؤلفات في علم الكلام، توفي سنة (٣١٩ هـ) وقيل: (٣١٧ هـ).
راجع: التبصير في الدين: ص/٨٤، واعتقادات فرق المسلمين والمشركين: ص / ٤٣، والبداية والنهاية: ١١/ ١٦٤، وشذرات الذهب: ٢/ ٢٨١، والفتح المبين: ١/ ١٧٠.