164

درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة

درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة

Nau'ikan

============================================================

"الجناب العالي" ولم يكتب لقاضي قبله، وإنما كان يكتب للقضاة "المجلس العالي" فاستمر ذلك من بعده للقضاة. وباشر القضاء بعفة وصيانة ومهابة كبيرة، وحرمة وافرة، إلا أنه نقم عليه كثرة ترفعه وشدة حجابه وقلة دربته بحال البلد، وقام بمعاداته أبو عبدالله المغربي، وكان فقيرا قد سكن الكرك، وأوى إلى ظل القاضي فكنفه وأفضل عليه، فاتصل بالظاهر لما ثار به أهل الكرك، ثم قدم عليه بقلعة الجبل، فجنف على العماد وكافأه على إحسانه إليه بكل سوء، وشتع عليه عند الشلطان، و أثبت في ذهنه أن العماد كان بالكرك لما خرج الشلطان من القلعة يحسن لأهل البلد القبض على الشلطان، ويخوفهم عاقبة فعلهم ونحو ذلك، وأعانه على قصده الأمير بو يزيد الدوادار لرد العماد رسائله، وكان هذا دأبه لائولي أحدا برسالة ولا بشفاعة، بل الولاية عنده بالاستحقاق على ما يراه، آو بالسبق لطلب الوظيفة إذا شغرت، فإذا رفعت له قصة كتب عليها لاسبق"، فلو تكلم معه أهل الدولة كلهم في ولاية غير السابق لا يجيب بوجه، وغرف بذلك فتوصل الضعيف والعاجز إلى ما يريد بحسب سبقه، وخرم القوي صاحب الجاه ولم يغنه سلطانه. واتفق مع ذلك أن الشلطان لما عزم على السفر إلى الشام التمس منه قرض أموال اليتامى، فصعد إليه ومعه مضحف شريف وقال له: سألتك الله منزل هذا القرآن لا تتعرض لأموال اليتامى. وذكره بما من الله به عليه من خلاصه وعوده إلى ملكه ونحو ذلك، فلم يعجبه ذلك وكتمه في نفسه وحقد عليه. وكذا كان الظاهر لا يختمل معارضته فيما يريد، لكنه لا يبدي ذلك، ويتريص بمن عارضه الدوائر، فأمسك عن طلب المال، وسافر ثم عاد، فأصغى لما يقوله أبو عبدالله وبو يزيد الدوادار في حق العماد من أنه غير عالم ولا عارف بأحوال الناس ونحو ذلك، فصرفه بالصدر محمد المناوي في يوم الاثنين رابع المحرم سنة خمس وتسعين، وأقر معه بنظر وقف الملك الصالح إسماعيل بقبة المنصورية وتدريس الشافعية به، وتدريس الفقه بالجامع الطولوني إعانة له. فلزم داره وباشر

Shafi 164