درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة
درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة
Nau'ikan
============================================================
الفطن عند التأمل أحدهما من الآخر، وكانا جيرانه، وتحت كل منهما امرأة لا تعرف زوجها من أخيه إذا دخل إليها إلا بما تثق به من قوله أنه زوجها.
قال: وكان عمر هذا عفيفا بلغ من عفته أن ابن عمه كانت تحته امرأة تهوى غمر هذا، وكان رجلاجميلا، فبلغ بها حبه أن كانت إذا دخل إلى منزل ابن عمه تقوم إليه وتلقي نفسها عليه، وتعرض نفسها له من غير احتشام فيمتنع عنها، فإذا كثر إلحاحها وعيل صمره لكثرة الغلمة ألقى نفسه إلى الأرض وخار كما يخور الثور من شدة آلم الشهوة، وما زال على طريقته في العفة عنها مع كثرة تعروضها إليه وعرضها نفسها عليه حى مات ابن عمه وتزوجها من بعده وتمتع كل منهما بصاحبه، والعاقبة للمتقين.
وأخبرني الشيخ الشريف أبو بكر أنه تزوج بامرأة كانت قبله تحت رجل من ديار بكر العليا في قرية منها يقال لها الدنين، وآن بعض جاراتها من الفقراء خرجت لتلتقط من وراء الحصادين ما لعله يسقط منهم عند الحصاد، فتركت ابنها، وكان مرضعا، بمكان من الأرض، وغدت تلتقط، فلما رجعت إليه إذا بحية عظيمة قد ركبت صدر الصبي، وأذلعث لسانها تلحس شفتيه، فصرخت المرأة لهول ما عاينت، واجتمع الناس إليها لا يذرون ما يعملون، فانتبه الصبي، وكان راقذا، وتحرك حتى خرجت إحدى يديه من قمطه، وقبض بها على الحية، فصادفت يده مخانقها، وفحص برجليه وبكى، وزاد اضطرابه وظغطه للحية، والناس ذاهلون قد تحيروا في أمرهم، إن ضربوا الحية مات الصبي من ضربتها، أو تركوها لا يأمنوا أن تلسعه. وبينا هم في ذلك إذ انساب ذنب الحية وارتختث، فقال بعضهم: قد كفى الله أمر الحية، إنها ماتت وأمر أم الصبي فأتته وأخرجت ثديها ووضعته عند فم الصبي ففرج أصابعة عن مخانق الحية وتناول الثدي وارتضعة، وضرب القوم الحية حتى هلكث، فعد هذا من عجيب ضنع الله بعباده، وخفي لطفه كيف ألهم الطفل 159
Shafi 159