فابتسم ابتسامة اقشعر لها بدنها، فندمت على ما فرط منها دون تدبر. وإذا به يتساءل: وقريبك؟
فقالت بامتعاض خفي: انتهى الأمر، فسخت الخطبة. - ماذا قلتم؟ - لم تعوزنا المبررات الوجيهة.
فقال بنبرة مبتهجة: لن تندمي على ما فات، أمك حكيمة، وأنت كذلك، إن متاعب الحياة لا تفض كما يزعم الحمقى في الصحف، ولكنها تفض بالإرادة الحية، إرادة شخص ذكي مثلك.
ما أبشع خجلها، أو ما أبشعه في بعض الأحيان على الأقل! لكنها لم تندم على فسخ الخطبة .. لم تعدها بحياة تستحق هذا الاسم، وتوعدت أسرتها بمتاعب جديدة، وهي لم تكن تحب قريبها. الآن لن يفصل بينها وبين من تحب شيء. حتى لو علم بحقيقة ما تمضي إليه؛ إذ من حسن الحظ أن الطيور على أشكالها تقع. وسألته باستهانة: ماذا يزعم الحمقى في الصحف؟ - أحاديث كألف ليلة وليلة عن إصلاح المجتمع والكون، ماذا تفيدين من ذلك أنت؟!
فرفعت كتفيها في استهزاء، فعاد يقول: لولا الدين لتزوجت منك بلا تردد!
فغضت البصر حتى شعر بأنه ينبغي أن يبرر موقفه، فقال: إن تغيير الدين كفيل بالقضاء على مركزي، وبالتالي على الوسائل التي يمكن أن أسعدك بها.
فقالت بارتياح خفي: هذا مفهوم وواضح.
فقال بحماس: ولو هيأت لك فيلا كاملة لأحرجتك، لكنك ستكونين السكرتيرة، شيء عادي وطبيعي، وستكون متع الدنيا بين يديك: صدقيني إن المال هو سر بهجة الحياة، وإني مصمم على جعلك أسعد مخلوقة في هذا الوجود. - متشكرة جدا! - فهز رأسه بارتياح وقال: سأرسلك إلى حمدي رجب مدير الإدارة ليمتحنك، مجرد إجراء شكلي؛ كي تسير الأمور في مجراها الطبيعي. - متشكرة جدا. - وخبري والدتك بأن تستعد للانتقال إلى مصر الجديدة. - سيجيء هذا في وقته!
وندمت مرة أخرى على ما أفلت منها من قول. باتت سريعة الغضب حقا، وإن ظل وجهها باسما هادئا. وأوشكت أن تغضب على طموحها المجنون نفسه.
وقامت وهي تقول: سأذهب إلى مدير الإدارة.
Shafi da ba'a sani ba