والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين
فمن ملك جارية جاز أن يتسراها، وهي حل له سواء كان متزوجا أو غير متزوج، وسواء كان متزوجا واحدة أو أربعا. ولا يتقيد الرجل في ذلك بعدد؛ فيحل له أن يتزوج إلى أربع، وأن يملك من الجواري ويتسرى منهن ما شاء من العدد، وإن كثر.
3
من أجل ذلك كان البيت الإسلامي فيه - غالبا - زوجة أو زوجات، وكان بجانبهن عدد من الجواري قد تسراهن رب البيت.
وكثيرا ما كان يقع الخلاف بين الحرائر والجواري السراري، وذلك طبيعي، حتى ذهب بعض اللغوييين إلى أن تسميتهن بالسراري كان سببه الغيرة؛ نقل اللسان عن بعضهم أن السرية الأمة التي يتسراها صاحبها منسوبة على غير قياس إلى السر وهو الإخفاء؛ لأن الإنسان كثيرا ما يسرها ويسترها عن حرته، وكثيرا ما ينسل الرجل الواحد الحرائر والجواري فيفخر أولاد الحرائر على أولاد الجواري، ويعتزون بأنه لم يجر في عروقهم دم رقيق، كالذي كان بين الأمين والمأمون، فكلاهما ولد الرشيد، ولكن أم الأمين زوجة حرة، وأم المأمون جارية سررية، وقد ضربنا قبل أمثالا من هذا القبيل ببيوت الخلفاء ونسلهم المتنوع، وكانت بيوت غيرهم من الرعية مثل بيوتهم في هذا الباب. •••
وهذا الرقيق الذي أبنا من رجال ونساء لا يسترد حريته إلا بأن يعتقه مالكه. وقد عقد الفقهاء بابا طويلا للعتق، أبانوا فيه الألفاظ التي يكون بها العتق، وما يعرض له من أشكال، والذي يهمنا منه الآن: كلمة في «أم الولد»؛ ذلك أن الأمة إذا ولدت من سيدها سميت «أم ولد»، وقد رفعوها فوق منزلة الجارية التي لم تلد منه ، ومنحوها حقوقا لم تنلها غيرها، أهمها: أنه لا يصح لمالكها (وهو مستولدها) أن يبيعها، ولا أن يهبها. وعلى ذلك جرى جمهور الفقهاء، ولكنها تبقى حلا لمالكها حتى يموت، فإذا مات صارت حرة، تجري عليها كل أحكام الحرائر، أما الأولاد الذين جاءوا منها فأحرار.
هذا هو الوضع القانوني لمسألة الرقيق، والنظام الذي كان يسود في عصرنا الذي نؤرخه، وهو قدر لا بد منه لفهم النتائج الأدبية والعلمية والاجتماعية.
وقد كان المسلمون والنصارى واليهود على السواء في تملك الرقيق، ولكن التسري لم يكن نظاما مشروعا عند اليهود والنصارى، وإن ارتكبه بعضهم خروجا على القانون؛ فقد رووا أن أبا جعفر المنصور أهدى طبيبه جورجيس بن بختيشوع النصراني ثلاث جوار حسان روميات، مع ثلاثة آلاف دينار، فرد الجواري فسأله المنصور: لم رددتهن؟ قال: لأنا معشر النصارى لا نتزوج أكثر من امرأة واحدة ما دامت المرأة، ولا نأخذ غيرها.
4
ولكن من ناحية أخرى يروي الجاحظ أن «طيمانو» رئيس الجاثليق قد هم بتحريم كلام عون العبادي (وكان نصرانيا) عندما بلغه أنه اتخذ السراري، فتوعد عون الجاثليق وحلف: لئن فعل ليسلمن.
Shafi da ba'a sani ba