Dr. Omar Abdelkafi's Lessons
دروس الدكتور عمر عبد الكافي
Nau'ikan
موافقة العمل للكتاب والسنة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فإننا نعلم جميعًا ما سأله جبريل للحبيب المعصوم ﷺ: (ما هو الإحسان يا محمد؟ قال: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
نستطيع أن نفهم كلام سيدنا رسول الله ﷺ من زوايا ثلاث: الإحسان في الأعمال، والإحسان في الأقوال، والإحسان في الأوقات.
فالإحسان في الأعمال فيه خمسة شروط: الشرط الأول: ألا يكون العمل خارجًا عن الكتاب أو السنة: فلو أن شخصًا أتى وهو متعب بعد سفر وجاء من أسوان، فقلت له: إلى أين أنت ذاهب يا هذا؟ قال: سأذهب لأزور الحسين، فيدخل عند الضريح ويطوف سبعًا أو يطوف حتى مرة، فهذا الطواف لا ينفع إلا حول الكعبة، إذًا: هذا عمل ليس على مقتضى السنة.
يصعد الإمام على المنبر يوم الجمعة، ويؤذن المؤذن بين يدي الإمام، وعند: حي على الصلاة! حي على الفلاح! ترى الآباء الكبار يحب أحدهم أطراف أنامله ويمسح على عينيه: يا قرة عيني! يا حبيبي يا رسول الله! ما هذا الكلام؟ أيها الأب الفاضل من أين أتيت بهذا؟ أنت مخطئ! فهذا عمل على غير منهج الكتاب والسنة.
وعندما يقف المؤذن، ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن (سيدنا) محمدًا رسول الله! يا رجل! أذن مثلما كان يؤذن بلال بين يدي رسول الله، يعني: هل رسول الله أحب إليك منه إلى بلال؟ هل يعقل أننا أشد حبًا للرسول من صحابة رسول الله؟ فتقول له: لا داعي لهذه الكلمة لكنه يقلق ويغضب، ولو فتحنا المجال لقلنا: أشهد أن سيدنا محمدًا رسول الله، وأن عليًا ولي الله، وأن آل البيت أهل الله؛ فيكون هذا من التلاعب بالدين، وكأنه فاعله لم يعجبه الكتاب والسنة، فالعمل الخارج عن حدود الكتاب والسنة ليس فيه إحسان.
كان سيدنا عمر ﵁ يقول: اللهم إني أسألك من العمل أخلصه وأصوبه، قالوا: ما أخلصه وما أصوبه يا أمير المؤمنين؟ قال ﵁: أخلصه ما كان خالصًا لوجه الله ﷿، وأصوبه ما كان على الكتاب والسنة، أي يمكن أن يكون العمل خالصًا، ولكن ليس صوابًا، ويمكن أن يكون صوابًا ولكن ليس خالصًا.
إذًا: العمل لابد فيه من شروط: أولًا: أن يكون على منهاج الكتاب والسنة، وهنالك أناس يحبون الله ورسوله ﷺ، لكنهم لا يحسنون العمل، يعني: هناك أناس يحبون أن يجتمعوا كل ليلة جمعة في مسجد من المساجد ويصلون صلاة التراويح أو القيام في غير رمضان هل يصلح هذا الفعل؟ لا يصلح هذا الفعل؛ لأن هذا على غير منهج الكتاب والسنة، يعني: إذا كان الرسول لم يصنعها إلا في رمضان ثلاثة أيام، ثم أصبحت سنة مؤكدة بعد ذلك، وأحياها عمر بن الخطاب ﵁، ثم زاد فيها عثمان فجعلها ستًا وثلاثين ركعة، والبعض يقول: إنها عشرون ركعة، والبعض يقول ثمان ركعات، ولم يجتمع الصحابة على نافلة إلا في رمضان، فعندما تنكر عليه يقول لك: لو صليت سأدخل النار؟! فأقول: النار والجنة هذه ليست إلينا، نحن لدينا كتاب وسنة، فلو وجدت هذه الصلاة في الكتاب والسنة فنحن سنأتي ونصلي معكم، ونصلي بكم، وليس هنالك مشكلة، لكنها صلاة على غير منهاج الكتاب والسنة، ومخالفة لمنهاج صحابة الحبيب المصطفى الذين نقلوا لنا كل حركة من حياة رسول الله.
وأنا أتخيل منذ أن نزل على رسول الله «اقْرَأْ» إلى نزلت ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر:١] أو: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾ [المائدة:٣] والدين محفوظ مثل شريط الفيديو صوت وصورة، يعني: كل ما ورد عن رسول الله ﷺ في حركته وسكنته في بيته في المسجد في الشارع في الحرب في السلم في السفر، في الحضر في كل خطوة من ليل أو نهار مسجل تمامًا عن رسول الله، فمن زاد في الدين شيئًا كان كمن نقص منه شيئًاَ.
يعني: أنت لو زدت في الدين شيئًا اتهمت الرسول ﷺ بالتقصير في أنه لم يبلغنا هذا الأمر، فعندما تزيد في الدين تكون قد اتهمت رسول الله أنه نسي شيئًا، وأنك بحذاقتك وعلمك أكملتها، وإن نقصت من الدين شيئًا رأيت أن الرسول ﷺ قد جاء بما لا طاقة لك به، فحذفت من الدين تلك الزيادة بحسب تعبيرك.
قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ﴾ [المائدة:٣]، والإكمال أفضل من الإتمام: ﴿أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾ [المائدة:٣].
ويقول ﷺ: (وتركتكم على المحجة البيضاء)، والمحجة: هي الطريق الواضح الممهد، (ليلها كنهارها) يعني: مضيئة واضحة.
5 / 3