Doroos Al-Sheikh Hassan Abu Al-Ashbal
دروس الشيخ حسن أبو الأشبال
Nau'ikan
مواقف في نصرة العقيدة والتوحيد
موقفان في نصرة العقيدة لإبراهيم ﵇: الأول: لما حطم الأصنام أججوا له النيران وألقوه فيها.
وربما يقول قائل من أول وهلة: لقد خسر إبراهيم ﵇، ولكن الله تعالى أمر النار أن تكون بردًا وسلامًا عليه، ثم خرج منها يمشي إليهم، وهذا نصر آخر في قضية واحدة، وهي الرسالة الحنيفية السمحة التي جاء بها إبراهيم ﵇، قال تعالى: ﴿وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران:٥٥] فأهل الإيمان فوق أهل الكفر بإيمانهم وعقيدتهم إلى قيام الساعة.
وقال تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [البقرة:٢١٢].
وقال تعالى: ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران:١٣٩] أي: إن كنتم مؤمنين حقًا فأنتم الأعلون -بإذن الله- ولا يلزم من ذلك ألا تقدم لله تعالى نفسك وروحك ومالك.
﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾ [التوبة:١١١] تلك هي السلعة الغالية وثمنها أن تقدم نفسك ومالك رخيصًا لله ﷿.
وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [المائدة:٥٥ - ٥٦]، حزب الله هم الغالبون أي غلبة كانت؛ لكن لا بد أن تكتب لهم الغلبة، ولا يلزم من ذلك ما تراه في واقع الناس اليوم في مقابلة قول الله تعالى: ﴿أوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [المجادلة:١٩].
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ﴾ [المجادلة:٢٠] (في الأذلين): هذه عقوبة من الله وتهديد ووعيد لأهل الكفر والطغيان.
﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [المجادلة:٢١].
ومن المبشرات لأهل الإيمان: أن الله تعالى مع الذين آمنوا، ومع الذين أحسنوا، ومع الذين اتقوا، ومع الذين صبروا: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ [آل عمران:١٢٠].
وقال النبي ﵊ لما كان في غار ثور وقال له أبو بكر: (يا رسول الله! إن أحدهم لو نظر تحت قدمه لرآنا، قال: يا أبا بكر! لا تحزن إن الله معنا).
خرجت عليه جحافل الشرك من مكة وغيرها ليقتلوه فلم يستطيعوا فعل شيء، ففي هذا الوقت وذاك الضعف يبشر النبي ﵊ من تولى أمر قريش للدلالة على محمد ﵊، لما آمن يبشره بكنوز كسرى وقيصر، ويبشر النبي ﵊ الأمة في آخر الزمان أنها ستملأ الأرض عدلًا وإسلامًا وتوحيدًا.
هذا دين الله وهو ناصره لا محالة، وهذا رسوله ولن يضيعه الله ﷿.
وقال أصحاب موسى: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ [الشعراء:٦١] هذا فرعون وملؤه أتوا، سيدركوننا ويقتلونا، فقال موسى الواثق بالنصر من ربه: ﴿قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء:٦٢] وهداية الطريق إلى الله أعظم نصر لموسى ﵇ في ذلك الوقت.
وقال الله تعالى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الروم:٤٧]، حق أوجبه الله تعالى على نفسه؛ لكننا لا نفرض على الله تعالى نوعية النصر وكيفية النصر؛ لأن النصر له عدة وعتاد وثمن لا بد أن يفتح، قال الله تعالى: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ﴾ [الأنفال:٣٠] للدلالة على أن الحرب بين أهل الكفر وأهل الإيمان إنما هي في حقيقتها حرب مع الله ﷿.
قال: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ﴾ [الأنفال:٣٠] ثم يشهد الله لنفسه بالغلبة والقوة والنصر، قال: ﴿وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال:٣٠] ﷾، ولذلك يقول: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ [الطارق:١٥ - ١٦] ولم يقل: إنهم يكيدون كيدًا وتكيدونهم كيدًا، وإنما قال: ﴿وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ [الطارق:١٦ - ١٧] دعهم يا محمد! يطغون ويبغون في الأرض، ويفسدون فيها شرقًا وغربًا، فإن الغلبة في النهاية لأهل الإيمان، والعبرة بالخواتيم.
قال الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْف
15 / 10