ففي مناظرته لأحد مُعظِّمي الرازي ومبجليه، بَيَّنَ خطأ ما نسبه الرازي لبعض الفرق: من القول بجواز أن يتكلم الله بكلام لا يعني به شيئًا، ولما حاول هذا المتعصب الدفاع عن الرازي ونسب هذا القول للكرامية، بين شيخ الإسلام خطأه أيضًا، وقال: «هذا لم يقله لا كرامي ولا غير كرامي، ولا أحد من أهل المذاهب الأربعة ولا غيرهم» (^١)، وهذا الجزم إنما نشأ عن تمام العلم بمقالات الفرق وآراءها.
وبين في مناظرته لابن المرحل بطلان ما حكاه ونسبه لمذهب أهل السنة من أن الشكر لا يكون إلا بالاعتقاد دون القول والعمل (^٢).
ولما نسب ابن المرحل إلى الحنابلة مخالفة الحسن البصري في كافر النعمة، بين له شيخ الإسلام بطلان هذا، وقال: «أصحابي لم يخالفوا الحسن في هذا فعمن تنقل من أصحابي هذا؟» (^٣)، ثم عاد ابن المرحل فنسب هذا إلى أصحابه من الشافعية، فبين له شيخ الإسلام أن أصحابه أيضًا لم يخالفوا في هذا، فكان أعلم بمذهبه منه.
ولما أحضر مخالفوه في المجلس الثاني للواسطية عالمهم الكبير صفي الدين الهندي ليناظر الشيخ، كان مما قرره أن أول مسألة اختلف فيها المسلمون هي مسألة الكلام، ونسب ذلك إلى الشهرستاني في كتابه الملل والنحل، فغضب شيخ الإسلام وبين له أن قوله خطأٌ وكذِبٌ مخالفٌ للإجماع، وأن الشهرستاني لم يذكر هذا على النحو الذي يريده، بل على خلاف ما يريد تقريره، فظهر عجز هذا الشيخ وإفلاسه أمام علم الشيخ ودرايته (^٤).
وحين نسب بعضهم في المناظرة الواسطية إلى الإمام أحمد القول بأن صوت القارئين ومداد المصاحف قديم أزلي، بين شيخ الإسلام أن هذا كذب مفترى، لم