85

Haske

الضياء لسلمة العوتبي ج2 6 8 10

Nau'ikan

إن سأل سائل فقال: ما العقل؟ قيل له: هو العلم بالواجب والحسن والقبيح، إذا كان العلم بالحسن يدعو العالم به إلى فعل ما تنفر نفسه عنه لحسنه. والعلم بالقبح يمنع العالم به عن فعل ما تشتهيه لقبحه (¬1) . فكذلك لا يسمى أحد عاقلا إلا من عرف الواجب والحسن والقبيح، وكان علمه يدعوه إلى فعل ما تنفر نفسه عنه، وتمنعه عن فعل ما تشتهيه، فيجوز أن يكون ممتنعا؛ لأنه لا يجوز أن يقال: إن الإنسان ممتنع من شرب ما لا يشتهيه، كما يقال: إنه ممتنع من فعل ما لا ينتفع به. ولا يقال أيضا: إنه ممنوع، إلا أن يحاول فعل ما يمنع عنه. كما يقال: إنه مانع لغيره عن فعل /45/ لم يحاوله. وكذلك لا يسمى القديم تعالى ممتنعا من فعل شيء ولا ممنوعا منه. وأما المتمانعان فهما اللذان لم يوجد ما حاولاه جميعا.

فإن قال: لم لا يجوز أن يكون للبهائم عقل، وهي تعرف أشياء كثيرة وتشتهيها أيضا؟ قيل: لأنها لا تعلم الحسن والقبيح والواجب إن كانت مشتهية لها، والعلم الذي يسمى عقلا هو العلم بالحسن إذا كانت نفس العالم تنفر عما علمه، والعلم بالقبيح إذا كانت نفس العالم تشتهي ما تعلمه، وأما غير ذلك فإنه لا يسمى عقلا. وكذلك لا يجوز أن يسمى القديم تعالى عاقلا؛ لأنه وإن كان عالما بجميع الأشياء لم يجز أن يكون مشتهيا لشيء، ولا نافر النفس عنه. وكذلك الطفل وإن كان عالما ببعض الأشياء ومشتهيا لها لم يكن عالما بالحسن والقبيح.

فإن قال: ما الذي يعرف بالعقل من الحق والباطل؟ قيل: وجوب الإنصاف، وشكر المنعم، ومدح المحسن، وذم المسيء، وقبح الكذب والظلم والجور. ومدح المسيء، وذم المحسن، وما جرى مجرى ذلك مما يعلم قبحه من جهة العقل دون الشرع، والله أعلم.

باب القول في آيات

[الخداع والسخرية والمكر والاستهزاء في حق الله تعالى]

Shafi 89