والوصف له تعالى بأنه راء (¬1) قد يتصرف على وجهين:
- فأحدهما أن يوصف بذلك ويعنى به أنه عالم؛ فعلى هذا المعنى جائز أن يقال: لم يزل رائيا على معنى لم يزل عالما، إذا كانت الرؤية في اللغة علما.
- والوجه الآخر أن يعنى به أنه مبصر للمبصرات؛ فلا يجوز من هذا الوجه أن يقال: إنه لم يزل رائيا، كما لم يجز أن يقال: لم يزل مبصرا؛ لأن المرئي المدرك لا يكون مرئيا إلا وهو موجود.
وجائز أن يوصف بأنه لم يزل قاهرا، ولم يزل قاهر الأشياء قبل أن يخلقها؛ لأنه لم يزل مقتدرا عليها، فاقتداره على ما لم يوجد هو قهره لذلك.
وجائز أن يوصف بأنه لم يزل باقيا، ومعنى باق أنه كائن بغير حدوث، وكل كائن بغير حدوث فواجب أن يوصف بأنه باق. فلما كان الله تعالى لم يزل موجودا بغير موجد (¬2) وجب أنه لم يزل باقيا.
وجائز: لم يزل فردا منفردا.
وجائز أن يوصف بأنه قريب من الخلق، والوصف له تعالى بذلك (¬3) على جهة التوسع، والمراد أنه عالم بنا وبأعمالنا، وأنه سامع لقول الخلق، وراء لأعمالهم، وأنه لا ستر بينه وبينهم، ولا حجاب ولا مسافة. فلما كان على ذلك قيل في سعة اللغة: إنه قريب منا، إذ كان لا يشاهد أعمالنا أحد من المخلوقين إلا من كان منا قريبا.
* مسألة [تقرب العباد إلى الله مجاز أم حقيقة؟]:
فإن قال قائل: خبروني عن تقرب العباد إلى الله تعالى بالطاعات أهو عندكم مجاز أو حقيقة؟ قيل له: بل هو مجاز وتوسع، ومعناه: طلب المحبة والكرامة منه؛ وإنما قيل لذلك تقرب لأنا في الشاهد إذا /5/ أحببنا شيئا قربناه منا، وإذا بغضناه بعدناه منا؛ فلهذا قيل لذلك: تقرب إلى الله عز وجل على المجاز.
Shafi 7