ونظر الخلق إلى الله تعالى انتظار فضله ورزقه وعطيته وكرامته في الدنيا والآخرة. وليس لأحد من الخلق أن ينظر إليه جهرة، لا في الدنيا ولا في الآخرة، ولأن الأبصار لا تدرك إلا الأجسام المحدثة، أو ما يكون في معنى من معانيها، من قبل أنها محدثة. فلا يدرك ولا يرى إلا ما كان محدودا، والمحدود لا يكون إلا جسما أو هيئة لجسم أو صنعا، والجسم صنعة مصنوع، وكل مصنوع فله صانع، والصانع لا يشبه المصنوع، فمن زعم أنه يرى الله تعالى جهرة فقد زعم أنه محيط بالله؛ لأن الأبصار إذا رأت شيئا فقد أحاطت بما رأت وعليه وقعت. فلا يعدو أن يكون ما وقعت عليه بعضا، فقد جزأته وبعضته، والله يتعالى عن كذلك علوا كبيرا.
[معنى الرؤية]:
وأما الرؤية: فمعناها المعرفة، إلا ما كان من جهة ما تدرك الأبصار فإن ذلك رؤية جسم، وما سواه فمعناه المعرفة؛ قال الله تعالى عز وجل: {الم تر إلى ربك كيف مد الظل} (¬1) ومثله: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} (¬2) ومثله: {ألم تر أنآ أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا} (¬3) ومثله: {ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت} (¬4) ، ومثله في القرآن كثير، وكل ذلك لم يره النبي j، ولا كان إذ ذاك، وإنما المعنى: ألم تعلم ذلك وتعرفه بالخبر الذي خبرتك؟.
Shafi 202