ومعلومكم عظم الجهاد في سبيل الله، وما يكفر من الذنوب، وأن الجهاد باليد واللسان والقلب والمال، وتفهمون أجر من هدى الله به رجلًا واحدًا، والمطلوب منكم أكثر مما تفعلون الآن، وأن تقوموا لله قيام صدق، وأن تبينوا للناس الحق على وجهه، وأن تصرحوا لهم تصريحًا بينًا بما أنتم عليه أولًا من الغي والضلال، فيا إخواني: الله الله فالأمر أعظم من ذلك، فلو خرجنا نجأر إلى الله في الفلوات، وعدنا الناس من السفهاء والمجانين في ذلك، لما كان ذلك بكثير منا، وأنتم رؤساء الدين والدنيا في مكانكم أعز من الشيوخ، والعوام كلهم تبع لكم، فاحمدوا الله على ذلك، ولا تعلثوا١ بشيء من الموانع.
وتفهمون أن الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر لا بد أن يرى ما يكره، ولكن أرشدكم في ذلك إلى الصبر، كما حُكي عن العبد الصالح في وصيته لابنه٢، فلا أحق من أن تحبوا لله وتبغضوا لله وتوالوا لله وتعادوا لله، وترى يعرض في هذا أمور شيطانية، وهي أن من الناس من ينتسب لهذا الدين، وربما يلقي الشيطان لكم أن هذا ما هو بصادق، وأن له ملحظ دنيوي، وهذا أمر ما يطلع عليه
_________
١ وقع في كتاب مصباح الظلام: "تعتلوا".
٢ يعني وصية لقمان لابنه وهو يعظه قال فيها: ﴿وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [لقمان: ١٧] .
1 / 58