252
واختلفوا في الأجسام هل هي متماثلة أم لا على قولين مشهورين. وإذا عرف ذلك فمن قال: إنه جسم وأراد أنه مركب من الأجزاء فهذا قوله باطل، وكذلك إن أراد أنه يماثل غيره من المخلوقات فقد علم بالشرع والعقل أن الله ليس كمثله شيء في شيء من صفاته، فمن أثبت لله مثلًا في شيء من صفاته فهو مبطل، ومن قال: إنه جسم بهذا المعنى فهو مبطل، ومن قال: ليس بجسم بمعنى أنه لا يرى في الآخرة، ولا يتكلم بالقرآن، وغيره من الكلام، ولا يقوم به العلم والقدرة وغيرهما من الصفات، ولا ترفع الأيدي إليه في الدعاء، ولا عرج بالرسول إليه: فهذا قول باطل، وكذلك من نفى ما أثبت الله ورسوله، وقال: إن هذا تجسيم فنفيه باطل، وتسميته ذلك تجسيمًا تلبيس منه، فإن أراد أن هذا يقتضي أن يكون جسمًا مركبًا من الجواهر الفردة، أو من المادة والصورة، أو أن هذا يقتضي أن يكون جسمًا والأجسام متماثلة، قيل له: أكثر العقلاء يخالفونك في تماثل الأجسام المخلوقة، وفي أنها مركبة، فلا يقولون: إن الهواء١ مثل الماء، وأبدان الحيوان مثل الحديد والجبال، فكيف يوافقونك على أن الرب تعالى يكون مماثلًا لخلقه إذا أثبتوا له ما أثبته الكتاب والسنة، والله تعالى قد نفى الماثلة في بعض المخلوقات وكلاهما

١ في النسخ: (الهوى) .

1 / 251