بالتخفيف، وما أجمعوا على ذلك في الأحباس إلا حيطة عليها وتحصينًا لها من أن تحال عن أحوالها أو تغير عن سبيلها واتباعًا لمالك وأصحابه في المنع من بيعها والمناقلة بها والمعارضة فيها وإن خرجت وذهب الانتفاع بها، واحتج ببقائها بالمدينة خرابًا لا تحال عن وجوها التي سبيلت فهيا.
وظاهر اختيارهم هذا يمنع من تجويز الشهادة على الخط في التقية وشبهها مما فيه توهينها ونقضها، فلا يجوز العمل به، ولا يسوغ القول بذلك إلا لمن اعتقد جواز الشهادة على الخط في كل شيء، ولم يخص شيئًا من شيء لا حبسًا ولا غيره، وخالف ما اتفق عليه الشيوخ وجرى به العمل، وأما من ذهب مذهبهم بتخصيص الأحباس بهذا فلا يصح له القول بذلك في التقية ولا في غيرها، والله المستعان.
وقد شافهت في ذلك بعض من لقيت من العلماء فأخبرني أن اختياره إبطال التقية، وأنه شاهد القضاء بذلك وفي ذلك أدام الله توفيقك ما جرى فيه من القول عن القاضي ابن بكر بن منظور ﵀ بمحضر جميعنا، وقول أبي المطرف أنها نزلت، وأفى بذلك فيها الفقيهان ابن عتاب وابن القطان رحمهما الله تعالى، وهو الذي لا يجوز سواه.
وقد كان هذا مذهبك حينئذ فاستخر الله تعالى في الحكم والتنفيذ له، وليس كون شهود التقية شهود الحبس بموجب تسوية القول فيها بالإجازة أو الرد؛ فقد قال مالك ﵀. كل شيء وسنته، ومن مضى أعلم ممن بقى، ولو لزم هذا للزم الشيوخ في إجماعهم على هذا في الأحباس أن يجيزوه في غيرها إذا كان الشهود سواء.
وهذا مالك لم يختلف قوله في الشهادة على خط المقر في المال أنها عاملة جائزة على ما في سماع ابن القاسم، وفي آخر رسم نقدها، وفي سماعه في التفليس وفي الواضحة والموازية، وأصحابه على ذلك وردها أكثرهم في الشهادة على خط في الطلاق وغيره، والقياس يوجب سوية ذلك، وقال مالك في كتاب عرض من سماع ابن القاسم في وصية الميت توجد في بيته بخط يده ورجلان يشهدان أنه كتاب -: لا تجوز، وعسى أن يكون لم يعزم عليها.
وشهادة النساء تجوز في شيء دون شيء، وكذلك الصبيان، ولا يوج تجويزها في موضع تجويزها في كل موضع، والرجال كذلك تجوز شهادة العدلين في الأموال العظام والقتل وإن شهدا في الزنا بطلت شهادتهما وحدًا، وهذا كله بين والحمد لله، ولكل شيء
1 / 69