وكان تاريخ العقد بعيدًا عن وقت إشهادهما لي، فقلت له: إن تاريخه بعيد. قال: لا ير ذلك، ولا يحتاج من أشهداه إلى ذلك تاريخ إشهادهما إياه.
وكنت عند أبي عمر بن القطان فجرى ذلك عنده فقال مثل ذلك.
وبه رأيت العمل بقرطبة لا يزيدون على كتب: وشهد على إشهادهما على شهادتهما بذلك.
ورأيت أهل أشبيلية يؤرخون وقت إشهاد الشهود على شهادتهم. والأمر عندي فيه واسع.
وقلت لابن عتاب: فما تختار لمن أشهد في عقد تاريخه غير وقت الإشهاد لأن بعض الناس يكتب وفلان بن فلان لفلاني: وكتب في شهر كذا من السنة المؤرخة أو من سنة كذا.
فقال لي: كان الناس يكتبون: وكتب في شهر كذا من سنة كذا. وانتقد ذلك صاحب المظالم أبو عبد الله بن عبد الرءوف فقال: أصحيح أن يكتب أشهده المتبايعان، أو المتبايعون، أو فلان، وفلان بما في هذا الكتاب عنهما في شهر كذا من سنة كذا. يردي ويقول: ومما بالحالة الموصوفة فيه، أو وهما بحال الصحة والجواز.
قال ابن عتاب: والصواب ما ذهب إليه ابن عبد الرءوف.
قلت له: فلو كتسب الشاهد شهادته ولم يرخها؟ قال: لا يفعل ذلك. قال بعض من حضر: لأنه كذب؟ قال: هو كذب. قال: وقد يقع في المشهد فيه تخاصم ونزاع يضطر فيه إلى تاريخ الشهادات، فلابد من تقييد شهادته بتاريخ وقت الإشهاد.
قال: وإنما استحب أكثرهم ترك تقييد وقت الإشهاد فيما أشهد فيه القاضاة والحكام من تسجيلهم وتقييدهم لأنه يؤمن فيه ما يخاف في الأول.
ورأيت في عقد تاريخه مستهل ربيع الآخر سنة خمسين وأربعمائة شهادة أبي مروان ابن مالك بخط يده، وعبيد الله بن محمد بن مالك، وذلك في ربيع الآخر المؤرخ فيه وكتب وهو عندي حسن جدًا والمعنى وعبد الله بن محمد بن مالك أشهده الموصي وذلك في ربيع الآخر.
قال: وقلت لابن عتاب: فمن نقل شهادته من الكتاب الذي أشهد فيه إلى كتاب انتسخ منه؟ فقال: لابد أن يذكر في شهادته ذلك؛ لئلا يكون الحق الذي فيه حقوقًا
1 / 62