مما يبطل ذلك من تجريح الشهود أو غيره، ولم يكن عند القائم مدفع قضى لهم وطل قيام القائم. وإن لم يأت المقوم عليهم المعذر إليهم بما يبطل ما أثبته خلف القائم في مقطع الحق أن حد تلك الناحية تنتهي إلى حيث حده ذلك الشاهد، ويحكم بالتحبيس، ويعدي المطلوبون بثمن الدار على من كان ابتاعها أبوهم منه.
واحتججت في ذلك بدلائل الواضحة والمدونة وغيرها وبما تقدم ذكرنا له في اختلاف قول سحنون، واختلاف أهل العلم في وجوب العلة بشاهد واحد، وبأن هذه قد حيز أكثرها بشهود فهو أقوى من القول بالعقد بشاهد واحد.
ويقول بعض المتأخرين في أحكامه: والعقلة في الدار بالقفل الجامع يوجه الحكم ذوي عدل بحضرة الحائزين، ويقفلان ما حيز بحضرتهما إلى أن يأتي النظر عليه. قال: والحيازة كلها واحدة، ولكن ربما اختلف علم الشهود فيها. والدار أقل اختلافًا من الأرض؛ لأن الأرض فيها يقع الاختلاف: يحوز رجل جهة من الحقل، ورجل جهة أخرى، ولا يقضي إلا يجتمع فيها ذوا عدل.
قلت: الدار أعلامها ظاهرة بما أحدق بها من الجدران، وبهذا كان حكم.
وكان بعض أصحابنا قد اختلف في ذلك وقال: لا تجوز العقلة بشاهد واحد. واحتج بما كتبته قبل هذا من "المغرب" وقال: إنه لم يقل أحد أنه يعقل بشاهد واحد. وجهل جميع ما قدمناه من قول سحنون، وابن زرب وغيرهما، والله الموفق للصواب.
ولابن حارث في المحاضر: وإن سأل الحضر وأحدهما في أول مجلس تقدما إليه فيه أن يوكل كل واحد منهم من يتكلم عنده عنه في الدعوى والإقرار والإنكار ففيه اختلاف في رأي الفقهاء وعمل القضاة.
فمنهم من يرى ذلك لهما أو لأحدهما.
ومنهم من لا يرى ذلك إلا بعد أن ينعقد بين المدعي والمدعي عليه ما يكون من كل واحد منهما من الدعوى والإقرار والإنكار، ثم يوكل بعد من يشاء منهما من شاء من الخصوم.
وذكر ابن العطار أن له أن يوكل قبل المجاوبة إذا كان الوكيل بالحضرة.
والصحيح عندي ألا يمكن من ذلك؛ لأن اللدد فيه ظاهر، والمراد منه أن يحدث عنه كلامًا يكون فيه شغب على صاحبه. وقد كان سحنون لا يبيح للمطلوب التوكيل.
1 / 54