وأنَّى اهْتَدَتْ سلمى وسَائلَ، بينَنا ... بَشاشَةُ حُبٍّ، باشرَ القلبَ داخِلُهْ (١)
وكم دُونَ سَلمى من عَدُوٍّ وبلدةٍ ... يَحارُ بها الهادي، الخفيفُ ذلاذلُه (٢)
يَظَلُّ بها عَيرُ الفَلاةِ، كأنّهُ ... رقيبٌ يُخافي شَخْصَهُ ويُضائلُهْ (٣)
وما خِلْتُ سلمى قبلَها ذاتَ رِجلةٍ ... إذا قَسْوَرِيُّ الليلِ جِيبَتْ سَرَابلُهْ (٤)
وقد ذَهَبَتْ سلمى بعَقْلِكَ كُلَّهِ ... فهَلْ غيرُ صَيدٍ أحْرَزَتْهُ حَبائِلُه
كما أحْرَزَتْ أسْماءُ قلبَ مُرَقِّشٍ ... بحُبٍّ كلمْعِ البَرْقِ لاحتْ مَخايله (٥)
وأنْكَحَ أسْماءَ المُرَاديَّ، يَبْتَغي ... بذلكَ، عَوْفٌ أن تُصابَ مَقاتِلُه (٦)
فلمَّا رأَى أنْ لا قَرارَ يُقِرُّهُ ... وأنّ هَوَى أسْماءَ لابُدّ قاِتلُه
تَرَحّلَ مِنْ أرْضِ العرَاقِ مُرَقِّشٌ ... على طَرَبٍ، تَهْوي سِراعًا رواحِلُه (٧)
إلى السّرْوِ، أرضٌ ساقه نحوها الهوى ... ولم يَدْرِ أنَّ الموْتَ بالسّرْوِ غائلهْ (٨)
فغودِرَ بالفَرْدَين: أرضٍ نَطِيّةٍ ... مَسيرَةِ شهْرٍ، دائبٍ لا يُوَاكِله (٩)
فيا لكَ من ذي حاجةٍ حيلَ دونَها ... وما كلُّ ما يَهوَى امرُؤٌ هو نائِلُه
فوجدي بسلمى مثلُ وَجْدِ مُرَقِّشٍ ... بأسْماءَ، إذ لا تَستفيقُ عَواذِله (١٠)
_________
(١) بشاشة الحب: سروره. باشر: نطق.
(٢) الذلاذل: أسفل القميص.
(٣) عير الفلاة: حمار الوحش. يضائل: يصغر.
(٤) ذات الرجلة: كل من لها رجل، تمشي بها. قسوري الليل: مُعظمه وشدة سواده. السرابل والسرابيل: واحدها السربال وهو القميص.
(٥) أسماء: هي أسماء بنت عوف التي أحبها المرقش ابن عمها ولم يتزوجها فمات كمدًا في حبها. المخايل: مفردها المخيلة وهي السحابة التي لا تمطر.
(٦) المرادي: زوج أسماء.
(٧) الطرب: الحزن. تهوي: تسير مسرعة. الرواحل: مفردها الراحلة وهي الناقة.
(٨) السرو: موضع قبر المرقش. غائله: قاتله.
(٩) الفردين: موضع. النطية: البعيدة. الدائب: المستمر في العمل. لا يواكله: لا يدب به الوهن.
(١٠) وجدي: شدة حبي. العواذل: مفردها العاذل وهو اللائم.
1 / 64