أشمست فيه الليالى .. والمدى ... يثريات دواليه اتثح
كان مضيافا ، إذا ما جئته ... شع كالفجر ، وكالورد نفح
فانمحى : يا للتلاقي بعدما ... نزح الرواد عنه ونزح!
***
يا ترى ، من أين نمشي ؟ ها هنا ... قام حي ، وهنا أرسى مصع
وعهدنا منزلا قزما هنا ... من ترى عملقة ، حتى طمح ؟
واستراحت ها هنا مقبرة ... قرب العمران منها فاكتسح
ووراء السور ، أرسى مصنع ... وهناك ، امتد سوق وانفسح
أين نحن الآن ؟ وارى عهدنا ... وجههه ، وانطفأت فيه الملح
أنكر (النهرين) وجهينا من ... قبله ، أنكرنا (باب السبح)
من يقوينا ، وكنا زمنا ... كبغال (الروم) أوخيل (جمع)
***
ها هنا نجلس ، يا (عمرو) ترى ... ما اقتنى التأريخ منا واطرح ؟
خط آثار خطانا ، زمن ... بيديه وبرجليه ، مسح
فانحنى (عمرو) وقال : اذكر لنا ... يا (علي) الأمس واترك ما اجترح
أمسنا ، كان كريما معدما ... وزمان اليوم ، أغنى وأشح
كيف كنا ننطوي ، خلف اللحى ... ونواري من هوانا ، ما افتضح
يوم أعلنت (روضة) برقعها ... واستجدنا ما اختفى مما اتضح
أطمتنا .. وألحت في النوى ... عن يدينا ، وتشهينا ألح
فترددنا على جار لها ... نشتري التبغ ، ونطري ما امتدح
وأطلت ذات صبح مثلما ... يرتدي صحو الربى (قوس قزح)
فارتعشنا ، وانجلت دهشتنا ... ثم أومأنا اليها ، بالسبح
فاقتفتنا ، وتركمنا للهوى ... كل أمر ، وأطعنا ما اقترح
ومضى عامان ، لا ندري متى ... جد حادي العمر ، أو أين مزح؟
كيف كنا ، قبل عشرين نعي ... همسة الطيف ، وإيماء الشبح
ونغني كالسكارى ، قبل ان ... يعد العنقود اشواق القدح
ثم اصبحنا نشازا ، صوتنا ... في ضجيج اليوم ،كالهمس الأبح
كل شيء صار ذا وجهين ، لا ... شيء يدري ، أين وجهه أصح ؟
***
يا (علي) : انظر ، ألاح المنتهى ... لا انتهى المسعى ، ولا الساعي نجح !
Shafi 136