135

Diwan

ديوان عبدالله البردوني

Nau'ikan

أشمست فيه الليالى .. والمدى ... يثريات دواليه اتثح

كان مضيافا ، إذا ما جئته ... شع كالفجر ، وكالورد نفح

فانمحى : يا للتلاقي بعدما ... نزح الرواد عنه ونزح!

***

يا ترى ، من أين نمشي ؟ ها هنا ... قام حي ، وهنا أرسى مصع

وعهدنا منزلا قزما هنا ... من ترى عملقة ، حتى طمح ؟

واستراحت ها هنا مقبرة ... قرب العمران منها فاكتسح

ووراء السور ، أرسى مصنع ... وهناك ، امتد سوق وانفسح

أين نحن الآن ؟ وارى عهدنا ... وجههه ، وانطفأت فيه الملح

أنكر (النهرين) وجهينا من ... قبله ، أنكرنا (باب السبح)

من يقوينا ، وكنا زمنا ... كبغال (الروم) أوخيل (جمع)

***

ها هنا نجلس ، يا (عمرو) ترى ... ما اقتنى التأريخ منا واطرح ؟

خط آثار خطانا ، زمن ... بيديه وبرجليه ، مسح

فانحنى (عمرو) وقال : اذكر لنا ... يا (علي) الأمس واترك ما اجترح

أمسنا ، كان كريما معدما ... وزمان اليوم ، أغنى وأشح

كيف كنا ننطوي ، خلف اللحى ... ونواري من هوانا ، ما افتضح

يوم أعلنت (روضة) برقعها ... واستجدنا ما اختفى مما اتضح

أطمتنا .. وألحت في النوى ... عن يدينا ، وتشهينا ألح

فترددنا على جار لها ... نشتري التبغ ، ونطري ما امتدح

وأطلت ذات صبح مثلما ... يرتدي صحو الربى (قوس قزح)

فارتعشنا ، وانجلت دهشتنا ... ثم أومأنا اليها ، بالسبح

فاقتفتنا ، وتركمنا للهوى ... كل أمر ، وأطعنا ما اقترح

ومضى عامان ، لا ندري متى ... جد حادي العمر ، أو أين مزح؟

كيف كنا ، قبل عشرين نعي ... همسة الطيف ، وإيماء الشبح

ونغني كالسكارى ، قبل ان ... يعد العنقود اشواق القدح

ثم اصبحنا نشازا ، صوتنا ... في ضجيج اليوم ،كالهمس الأبح

كل شيء صار ذا وجهين ، لا ... شيء يدري ، أين وجهه أصح ؟

***

يا (علي) : انظر ، ألاح المنتهى ... لا انتهى المسعى ، ولا الساعي نجح !

Shafi 136