الأمنية. وزالت العرب في قديم الزمان تفتخر بالشعر وتجله ويعظمه مُكثر الحي ومُقله؛ وإنما عرضت الملوك أموالها للأعطية، راغبة في ثناء باقٍ، واستبعاد من لا يجنح إلى الإباق، ويتفق في الزمان الواحد شعراء كثيرة، لا يحمد منهم إلى قول الرجل أو الرجلين. وقد كان علي بن عبد الله بن أحمد أقام سوقًا للشعراء وتفرد بتقريبهم دون الأمراء فرحل إليه قريبُهم والبَعيدُ، والتُمس عنده النوالُ الرَّغيبُ لا الزَّهيدُ، فما اشْتَهَر منهم إلَّا نفرٌ قليلٌ؛ منهم أحمدُ بن الحسين المتنبي، وأحمدُ بن محمد النامي، والحارث بنُ سعيد المعروفُ بأبي فراس، ورجلٌ يُعرف بابن كاتب البكتمري وهو أقلُّهم حَظًّا في سير القصيد.
ولما كان السيدُ الأجلُّ تاج الأمراء فخرُ الملك مُبَرِّزا في الفَهْم خالص الغَريزةِ من التُّهم، يَعرِفُ عُقُودَ الكَلِم مَعْرِفَةَ الصَّيْرِفي قَيَّض الله سبحانه لَهُ من يَشفي
1 / 4