ثُمَّ قَالَ: "لَا تَخْرُجَّنَ مِنْهَا؛ فَإِنَّكَ إِنْ خَرَجْتَ مِنْهَا لَمْ تَرَنِي وَلَمْ أَرَكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي، قَالَ: فَثَبَتُّ قَائِمًا حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ أَقْبَلَ فَقَالَ: "مَا لِي أَرَاكَ قَائِمًا؟ " قَالَ: قُلْتُ: مَا قَعَدْتُ؛ خَشِيتُ أَنْ أَخْرُجَ مِنْهَا. قَالَ: "أَمَا إِنَّكَ لَوْ خَرَجْتَ (١) لَمْ تَرَنِي وَلَمْ أَرَكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، هَلْ مَعَكَ مِنْ وَضُوءٍ؟ " قُلْتُ: لَا. قَالَ: "فَمَاذَا فِي الْإِدَاوَةِ؟ " قُلْتُ: نَبِيذٌ. قَالَ: "تَمْرَةٌ حُلْوَةٌ وَمَاءٌ طَيِّبٌ". ثُمَّ تَوَضَّأَ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلَانِ مِنَ الْجِنِّ فَسَأَلَاهُ الْمَتَاعَ، فَقَالَ: "أَوَلَمْ آمُرْ لَكُمَا وَلِقَوْمِكُمَا مَا يُصْلِحُكُمَا؟ " قَالَا: بَلَى، وَلَكِنَّا أَحْبَبْنَا أَنْ نَحْضُرَ مَعَكَ الصَّلَاةَ. قَالَ: "مِمَّنْ أَنْتُمَا؟ " قَالَا: مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ. قَالَ: "قَدْ أَفْلَحَ هَذَانِ وَأَفْلَحَ قَوْمُهُمَا". وَأَمَرَ لَهُمَا بِالْعِظَامِ وَالرَّجِيعِ (٢) طَعَامًا وَعَلَفًا، وَنَهَانَا أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثٍ (٣).
وَأَمَّا حَدِيثُ الْجَرَّاحِ بْنِ مَلِيحٍ:
[٢١] فأخبرنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا وَكِيعٌ، ثنا أَبِي، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، نَحْوَهُ (٤).
وَقَبْلَهُ حَدِيثُ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ.