والله لو لم ينزل الله كتابا , ولم يبعث رسولا لكانت له الحجة البالغة على جميع خلقه , غير أنه تبارك وتعالى عاد على جميع خلقه بمنه وفضله ولطفه , أن بعث إليهم الرسل مبشرين ومنذرين , وأنزل عليهم الكتاب فيه جميع ما أمر به , وجميع ما نهى عنه, وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبين عنه , ويبلغ ما أمر به فقال : { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته }(المائدة:الآية67).
وقال: { ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا * إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا }(الإسراء:74-75) .
وقال أيضا: { ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين }(الحاقة: 44-46) يعني: حبل القلب تقدما منه إليه , وتحذيرا من المعصية، فبلغ محمد صلى الله عليه وسلم رسالته , ونصح الأمة, وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين صلوات الله عليه .
وقد أتم الله دينه , وقامت حجته , وظهرت دعوته، فدين الله واضح , ودين نبيه عليه السلام دين واضح لا دنس فيه ولا كدر وقال:{ إنما يتقبل الله من المتقين }(المائدة:الآية27).
فإن الله لا يتقبل العمل إلا من المتقين, وكيف يكون من المتقين من أقام على الزنا , وأكل مال اليتيم ظلما, ودان بالقتل , ونقض العهد والميثاق , والفساد , وأفسد في الأرض , والإقامة على المعاصي ومات غير تائب , ولم يتب إلى الله.
كيف يكون من المتقين هذا الذي مات على هذا الفساد , وإنما التقوى : الإيمان والعمل الصالح حقيقة الإيمان .
Shafi 45