Nazarin Akan Mazhabobin Adabi Da Zamantakewa

Abbas Mahmud Al-Aqqad d. 1383 AH
70

Nazarin Akan Mazhabobin Adabi Da Zamantakewa

دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية

Nau'ikan

والمعهود في أعمال المجامع أنها أطول أمدا من أعمال الأفراد، فإن معجم الأكاديمية الفرنسية قد استغرق العمل فيها أكثر من مائة سنة، ولم يسلم بعد هذا من مواضع النقد لإفراطه على المحافظة على النهج القديم كما اتبعه أعضاء الأكاديمية عند ابتداء وضعه.

وطول الأمد في أعمال المجامع ضرورة لا حيلة فيها ولا وجه للاعتراض عليها؛ لأن الخطة التي يتفق عليها ثلاثون أو أربعون متجددون بين حين وحين أصعب تنفيذا من الخطة التي يفرغ لها المؤلف الواحد بينه وبين نفسه، ولا يطالبه أحد بمراجعتها وإعادة النظر فيها، فقد حدث خلال تأليف الصفحات الأولى من المعجم الكبير أنها أعيدت إلى المؤتمر أكثر من أربع مرات للنظر في ملاحظات الأعضاء الجدد أو الأعضاء الأوائل الذين بدا لهم بعد الشروع في تأليفه رأي غير الذي اختاروه عند ابتدائه.

ومن هذه الملاحظات ما كان يدعو إلى إعادة النظر في ترتيب المواد بحسب الحروف الأولى أو الأخيرة، وفي تضمين الأعلام أو عزلها، وفي ذكر المرادفات السامية والأجنبية على العموم أو الاقتصار على الضروري منها، وفي التزام التسلسل التاريخي لمعاني الكلمات مع إثبات الشواهد من أقوال الشعراء والكتاب أو العدول عن ذلك لصعوبة السير عليه في معجمات اللغة العربية.

ومن الملاحظات التي أعيد النظر فيها مسألة التقسيم والترتيب في المادة الواحدة، هل تشرح الكلمة شرحا واحدا متصلا من بدايتها إلى نهايتها، أو تقسم المادة إلى أبواب يشرح كل باب على حدة، ولا ينتقل إلى ما يليه إلا بعد الفراغ منه واستيفائه إلى غايته؟

ونضرب لذلك مثلا مادة القاف والدال والميم، أي: مادة «قدم»، فهي تحتوي: معنى السبق، ومعنى القدوم، ومعنى مضي الزمن الطويل، ومعنى النفاذ، ومعنى الرجل، ومعنى الشجاعة، وفيها معنى القياس الذي هو جزء من اليردة، ومعنى الآلة التي يستخدمها النجارون، وغير ذلك معان شتى تتولد بالاشتقاق وباستعمال الفعل المزيد على جميع الأوزان.

فهل يتصل الشرح ويعاد إلى الباب بعد الانتقال منه على حسب ترتيب الحروف، أو ينفصل كل معنى بقسم لا يشترك فيه مع غيره، وإن تشابهت حروف الكلمات؟

هذا مثل من أمثلة الملاحظات الكثيرة التي استوجبت إعادة النظر في خطة التأليف قبل المضي فيه على المنهج المتفق عليه.

ويضاف إلى هذه المعوقات التي لا بد منها أن الأعمال «الرسمية» ترتبط بقراراتها وتواريخها، ولا يتأتى تعديلها أو استئنافها بغير الرجوع إلى قرارات أخرى تتطلب الوقت الطويل لاتخاذ «إجراءاتها» وإصدار الإذن «بالاعتمادات» التي ترصد للإنفاق عليها، ولو اقتضى الأمر زيادة خبير واحد إلى لجنة التأليف لما تيسر ذلك قبل معاودة الإذن بهذه الإضافة إلى «مصروفات المشروع»، ومعاودة السلسلة الإدارية كرة أخرى من الألف إلى الياء، وقد تعترض ذلك أحوال كأحوال الحرب وما يشبهها يتبدل فيها نظام توريد الورق من نوع معين، ونظام الطبع في جهة محدودة، ونظام المعاملة بين الجهات الحكومية والجهات الأهلية التي تعهد إليها مهمة التحضير والطباعة.

وبما صادف المعجم الكبير من هذه العوارض أنه ارتبط - من الخطوة الأولى - بمعجم الدكتور فيشر الذي كان قد اعتزم تأليفه على المنهج المقرر لتأليف ذلك المعجم الكبير، وكان الدكتور فيشر قد أعلن عزمه على تأليفه لأول مرة بمؤتمر المستشرقين في باسل (سنة 1907)، وجاء في محضر المؤتمر لتلك السنة أن الدكتور «قد أبان أن القواميس العربية الموجودة التي ألفها الغربيون، وبخاصة تلك التي عالجت الفصحى لعهدها القديم، لا تفي بحال من الأحوال بالمطالب العلمية؛ لأسباب أهمها أنها لم تعتمد على كتب الأدب الموجودة، بل نشأت من القواميس التي ألفها العرب، وإن كانت هذه قيمة جدا».

ثم جاء في المحضر أن الدكتور فيشر «لا يرى أن ينفرد بالعمل بل يجب اشتراك غيره من العلماء معه.»

Shafi da ba'a sani ba