Dirasat Falsafiyya Islami
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
Nau'ikan
2
حتى يتم تفجير القوى من خلال الفرد. فلا يوجد عصر نهضة بلا نزعة إنسانية، يسترد فيها الإنسان العلم والقدرة والحياة والسمع والبصر والكلام والإرادة من الله؛ لأن الله
غني عن العالمين [آل عمران: 97]، جل شأنه، وتعالى عما نصف. وكل نهضة في حقيقة الأمر إنما تعني الانتقال من «التمركز حول الله» إلى «التمركز حول الإنسان». (2)
تغيير المحاور، من الأعلى والأدنى إلى الأمام والخلف؛ وذلك أن الارتقاء والنكوص في التراث يتمان صعودا وهبوطا كما هو واضح في نظرية الفيض عند الفلاسفة وفي المقامات عند الصوفية. والشعوب في نهضتها إنما تنتقل من التخلف إلى التقدم، فالأعلى في التراث هو التقدم في النهضة، والأسفل في التراث هو التأخر في النهضة. وعلى هذا يتحول الخلود إلى زمان، والزمان إلى تاريخ. (3)
تغيير المستويات اللاهوتية والفقهية والصورية إلى مستويات شعورية واجتماعية؛ حتى يتم تحليل الظواهر تحليلا إنسانيا خالصا. فالعقائد ليست أبنية إلهية، والأحكام ليست أوامر أو نواهي إلهية، والشرائع ليست مجرد قوانين صورية، بل كل ذلك له وجود طبيعي في شعور الفرد وفي علاقاته الاجتماعية. وبالتالي كان الانتقال من العلوم الدينية إلى العلوم الإنسانية انتقالا ضروريا حتى تتم الحركة من التراث إلى النهضة.
ثانيا: تراث الغير
ولما كان الوعي الحضاري الذي أنتج التراث الذاتي وعيا متفتحا على الحضارات الأخرى فإنه سرعان ما تمثل تراث الغير واحتواه واستعمل لغته، واستعمل أساليبه، واستخدم طرقه، وأكمل نقائصه. ثم أبدع بمناسبته خلقه الذاتي. استطاع القدماء احتواء حضارة العقل عند اليونان والديانات الشرقية في فارس، وعلوم الهند.
أما المحدثون فإنهم في انفتاح وعيهم الحضاري الجديد على تراث الغير، التراث الغربي، حدثت لديهم «صدمة الحداثة» وخلطوا بين التحديث والتغريب، فكان من الضروري «تحجيم» تراث الغير، ورده إلى حدوده الطبيعية داخل بيئته المحلية. (1) الحداثة والتحديث
تعني الحداثة هنا الانتقال من التراث الذاتي إلى تراث الغير ليس على مستوى الثقافة، بل على مستوى السلوك اليومي والعادات والتقاليد. وهنا يتم الخلط بين الحداثة في السلوك وتحديث المجتمعات أي تغيير نظمها الاجتماعية، وكأن «العصرية» تعني فقط السلوك المهذب للأفراد دون تنمية اجتماعية شاملة. (أ) مظاهر الحداثة
وقد بدت عند أجيالنا المعاصرة مظاهر الحداثة لدى الطبقات العليا من المجتمع كي تلحق بالعصر، وكما حدث في تركيا بعد الثورة الكمالية، وكما حدث في مصر في القرن الماضي حتى قبيل الثورة المصرية في 1952م. وقد بدت مظاهر الحداثة كالآتي: (1)
Shafi da ba'a sani ba