Dirasat Falsafiyya Gharbiyya
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
Nau'ikan
Bankrott
الفلسفة على يد الحسيين التجريبيين من أمثال هيوم، وكيف يمكن زيادة رصيدها.
3
بل إنه لا يكاد يخلو فيلسوف واحد من وضع هذا السؤال، كل على طريقته ولتدعيم مذهبه. ولكن هوسرل هو الذي وضع السؤال على مستوى الوعي الأوروبي كله. فالموت والحياة ظاهرتان للوعي التاريخي الفردي والحضاري، وليس على مستوى معين صوري أو مادي أو وجودي.
ولما كان كل باحث اليوم ذا شعور مغترب نظرا لسيادة الحضارة الأوروبية وانتشارها خارج حدودها فإنه يجد نفسه لا محالة بصدد تحليل الشواهد والأمثلة التاريخية من داخل الحضارة الأوروبية وكأن الغرب هو العالم كله، وكأن تاريخ الفكر الأوروبي هو تاريخ الفكر الإنساني، وكأن الحضارة الأوروبية خاصة في العصور الحديثة هي الممثلة الوحيدة للحضارات البشرية كلها؛ في مصر والصين وفارس وما بين النهرين وفي أفريقيا وفي خليج المكسيك. وحرصا على هذا التحرر من هذا التحيز الحضاري المسبق، ونحن ما زلنا ضحيته، فإن الشواهد والأمثلة التاريخية ستعمم وتتنوع قدر الإمكان حتى تشمل أكبر قدر ممكن من الحضارات الأخرى وفي مقدمتها الحضارة الإسلامية التي تكون مخزوننا النفسي ورصيدها الفلسفي، والتي ما زلنا نعيشها وتعيش فينا حتى الآن.
4
ولما كان الباحث ذو الوعي المتحرر من الغرب لم يع بما فيه الكفاية إحدى دوائره الحضارية الكبرى وهي دائرة الشرق، فذلك لأن الغرب ما زال يمثل لنا التحدي الأكبر ليس فقط عسكريا واقتصاديا بل ثقافيا وحضاريا، ويكفينا في جيلنا التخلص من آثاره، ويكفينا تحجيمه ورده داخل حدوده حتى يحدث التوازن في وعينا القومي بين حضارتنا وحضارات الغير في الغرب أولا ثم في الشرق ثانيا.
ثانيا: ما الفلسفة؟
ما هي الفلسفة تلك التي تموت وتحيا؟ وما تعريفها؟ (1)
هل الفلسفة هي البحث الخالص عن الحقيقة المجردة؟ هذا التعريف في حقيقة الأمر نظري أكثر منه واقعي؛ إذ لا توجد حقيقة مجردة بل توجد حاجات ومطالب وأهداف وبواعث وأوضاع اجتماعية محددة في عصور وأمكنة معينة. المجرد لا وجود له في الذهن ولا في الواقع لأنه معاش في تجربة أولا بما في ذلك المفاهيم الرياضية والتصورات المنطقية. ولم يكن هناك على مدى الفكر البشري أي بحث مجرد عن الحقيقة حتى ولو أعلن الفيلسوف ذلك لأن الشمول مطلب إنساني يتجاوز به الإنسان حدوده الفردية والاجتماعية والتاريخية، لذلك كانت الفلسفات الصينية - وفي مقدمتها الكونفوشيوسية - فلسفات عملية مرتبطة بسعادة الإنسان على الأرض ونعيمه في هذه الدنيا. كما وجه الإسلام الذهن البشري نحو منافع الأمة ومصالحها وعدم السؤال عن أشياء لا نفع منها أو يأتي منها ضرر:
Shafi da ba'a sani ba