Addini
الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
Nau'ikan
وأهمها هو السفر الأول، الذي يعد فلسفة دينية ومدنية معا.
واستمر هذا الطابع الجدلي في العقائد هجوما ودفاعا، وهدما وبناء، لا بين المسيحية وغيرها فحسب، بل بين المذاهب المسيحية أنفسها ... فلم يكن هم الكاتبين تصوير العقائد المختلفة كما هي، بل كان هدف كل كاتب التماس موطن من مواطن الضعف في عقيدة خصمه لإبطالها، وإبراز ناحية من نواحي القوة في عقيدته لنصرها ونشرها. (6) العصر الإسلامي
ثم ظهر الإسلام في أوائل القرن السابع الميلادي، وما هي إلا أن تمكنت دعوته في سنة 622م من استنشاق نسيم الحرية خارج مكة، حتى انتشرت بسرعة البرق شمالا وجنوبا، وشرقا وغربا، ولم يمض قرن واحد حتى سرت في أقطار أوروبا الغربية «إسبانيا وإيطاليا وفرنسا» حاملة معها علوم الإسلام وآدابه وتشريعاته، مضافة إلى علوم اليونان وفلسفتهم، ومضافا إليها ما اكتشفه العرب والمسلمون في رحلاتهم من علوم الشرق وآدابه، وما أفادوه هم من تجارب جديدة.
ولم يكن بدعا من الأمر أن يكون الغرب عالة على العرب في علوم الشرق، وإنما البديع والعجب العجاب أن يكون عالة عليهم في علوم أوروبا نفسها، وأن يبقى كذلك حقبة مديدة من التاريخ ... فقد مضى الفتح الروماني - كما رأينا - دون أن يفيد من الأدب اليوناني إلا ما كان رائجا في السوق يومئذ من آراء سطحية، ومذاهب زائفة؛ ومضى العصر المسيحي في شغل بالجدل الديني الداخلي والخارجي، عن التنقيب في علوم اليونان وتاريخهم وطرائق تفكيرهم المختلفة، وهكذا بقي غرب أوروبا طيلة هذه المدة في شبه عزلة أدبية عن شرقها الذي له به أوثق الصلات المادية، فلم يفتح الغربيون أعينهم على تلك الكنوز العقلية إلا وهي في أيدي العرب المسلمين الذين جاءوهم من وراء البحار في أوائل القرن الثامن، فاتحين فتوح علم وسلم، وعدالة وسماحة، لا فتوح علو وعتو، وإشباع للغرائز الجامحة، واستنزاف للدماء والثروات.
هناك هرع الناس إليهم من كل صوب ينهلون من معارفهم، وكان اليهود أول الناس انتفاعا بهذه التلمذة، فأخذوا ينقلون هذه العلوم من العربية إلى العبرية، ثم إلى اللاتينية ... ولو أن روما كانت قد ورثت أثينا وراثة علمية لاستنسخت علومها من أول يوم، ولقرأها الناس يومئذ باللاتينية أو بالإغريقية مباشرة، بدل أن ينتظروا حتى يأخذوها هكذا وهي في المرحلة الرابعة من الترجمة.
ولكن الأمانة التي عجزت عن أدائها الحضارتان اليونانية والرومانية في جميع عصورهما نهضت بها حضارة الإسلام في لغته العربية، واستقلت بحملها قرونا متوالية، من القرن الثامن إلى القرن الثالث عشر أو يزيد، فليس في علماء أوروبا الآن من ينكر أن فلسفة أرسطو وعلومه لم يسمع بها الغرب إلا على لسان ابن رشد
Avorroes
الفيلسوف الإسلامي (القرن الثاني عشر) ولسان أتباعه أمثال موسى بن ميمون
Maimonide
الفيلسوف الإسرائيلي (القرن الثاني عشر أيضا)، وليس هناك من ينكر ما كان لهذا التعليم من أثر في فلسفة أوروبا عن طريق القديس توماس
Shafi da ba'a sani ba