Addini
الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
Nau'ikan
Hera ... وهلم جرا. (4) العصر الروماني
في القرن الثاني قبل الميلاد أخضع الرومان الدولة اليونانية سياسيا، فأصبحت ولاية تابعة لهم، بعد أن كانوا هم تبعا لها.
وإن تعجب لشيء فاعجب كيف أن هذا الاختلاط بين الأمتين قرونا متوالية، من قبل ومن بعد، لم يصنع منهما أمة واحدة في اللغة والدين والفن والتشريع وسائر مقومات الحياة الجماعية، كما صنع الفتح الإسلامي في الأقطار التي دخلها؟ ... لا، بل ما لنا نطمع في هذه الوحدة المثالية! ألم يكن من المتوقع - على الأقل - أن تفيد الأوساط العلمية والأدبية في روما من هذا التراث العلمي والأدبي المكنوز في العاصمة الإغريقية؟ غير أن شيئا من ذلك لم يكن، وكان كل ما حمله الأدباء الرومانيون من أثينا بعد هذا الفتح هو بعض الآراء الرائجة إذ ذاك في جماهير الشعب، فاقتبسوها اقتباسا سطحيا من غير تعمق ولا تمحيص، كما يحاكي الناس بعضهم بعضا فترة من الزمان في الأزياء الجديدة وألوان الطعام والشراب ...
آية ذلك أن المذهب السائد في أثينا في القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد كان هو المذهب الرواقي، الذي فرغنا من الحديث عنه توا، وأن هذا المذهب وحده هو الذي نقل منها إلى روما، بل إنه لم ينقل بشطريه كليهما، وإنما كان الذي انتقل منهما هو أخفهما حملا على أقلام الكاتبين، وأدناهما إرضاء لكبرياء الفاتحين، أعني: ذلك القسم العملي الذي كان يتسم بطابع الزهو والغرور، في دعوته إلى تبديل الطبيعة البشرية، ومحو معاني اللذة والألم من بين عناصرها، أما الشطر النظري فلا ترى له أثرا في مقالات المؤلفين اللاتين أمثال سينيك
Seneque
وإبيكتيت
Epiclete (القرن الأول بعد الميلاد)، ومهما يكن من شيء، فإن هذا المذهب الرواقي لم يطل أجله، وكان آخر ممثليه في روما هو مارك أوريل
Marc Aulele (القرن الثاني الميلادي ).
وكما كان الفتح الروماني لبلاد الإغريق سببا في اجتلاب بعض آرائهم الشائعة في العصر، كان هذا الفتح للبلاد الآسيوية والإفريقية سببا في نقل بعض مذاهبهما الدينية إلى روما، فاشتهرت فيها أسماء المعبودات: ميترا
Mithra ، وبعل
Shafi da ba'a sani ba