225

Dibaj Wadi

الديباج الوضي في الكشف عن أسرار كلام الوصي

Nau'ikan

Maganar Baka

وجوابه؛ أن في كل واحد من هذه الأشياء المختلفة معنى يوافق ما هو بصدده، وما جيء به من أصله، فلما كانت المعاصي لا تفعل إلا بمعاناة وكد وإتعاب الخاطر(1) في تحصيلها، استعار لها الخيل، لما فيه(2) من الشدة وشكاسة الأخلاق، بخلاف التقوى فإنها تحصل علىسهولة لما يحصل من المراد بالألطاف الخفية من الله تعالى، فلهذا استعار لها المطايا لما فيه من التذلل وسهولة الانقياد، وإنما قال في الخيل: خلعت(3) لجمها إشارة إلى أن الفرس مع اللجام لايأمن راكبها التقحم عليه فضلا عن خلع اللجام، فإن ذلك أيسر للتقحم وأدعىله، وغرضه بذلك تشبيه أهل المعاصي في الإسراع إلى الخطايا بالخيل إذا خلعت(4) لجمها، بخلاف أهل التقوى فإنهم قبضوا وملكوها، والإبل ربما ساعدت في الانقباض بغير زمام فضلا عن حالها مع قبض الزمام، فإنها تكون أطوع لا محالة، وإنما قال في حق الخيل: تقحمت بهم؛ لأن التقحم إنما يكون في المكروه وخلاف المراد.

وقال في المطايا: أوردتهم؛ لئن الورود أكثر استعماله في المحبوب، كما يقال: ورد على الأمير(5) بعادته وعطيته، وطابق في هذا(6) الاستعارات كلها الغرض المقصود، وجاء في كل شيء بما يليق به، وما ذاك إلا لأنه قد جعل على البلاغة أميرا، وصار لمعانيها وأسرارها ترجمانا وسفيرا.

Shafi 230