5
وعلوم السيرة حولت الرسول من مجرد رسول حامل للرسالة وتوصيلها إلى شبه آلهة، كما يظهر ذلك في الأدعية الصوفية: «أغثنا يا رسول الله»، «أعنا يا رسول الله». كما لو كان يقوم بالمعجزات التي لا تقل عن معجزات المسيح.
6
أما الفقه فما زال يكرر كتب الفقه القديمة، والأحكام المرتبطة مثل: الصلب، الرجم، الجلد، قطع اليد ثم الرجل، وقطع اليد اليسرى ثم القدم اليسرى، اليد اليمنى ثم القدم اليمنى. فماذا يبقى للإنسان إلا جثة ملقاة على قارعة الطريق لا فائدة منها يقذف الناس بالقروش المعدودة؟ وهذه الأحكام ضد حقوق الإنسان، امتلاك الإنسان لجسده، وكما هو في الفلسفة الوجودية المعاصرة، الإنسان هو الجسد وليس الروح.
ولما كانت الثقافة المعاصرة قد نشطت في العصر الحديث في القرون الأربعة الأخيرة، وضمت جميع الاتجاهات الفلسفية؛ العقلية، والتجريبية، والإنسانية، وكانت حضارتنا في طور الشروح والملخصات وبدايات الإصلاح والنهضة؛ انتقلت الحضارة من المركز إلى الأطراف، ومن الحضارة الغربية إلى الحضارة الإسلامية، وعن طريق الترجمة التي كثرت فيها الألفاظ المعربة، خاصة في علوم الاتصال الحديثة. فحدث مركب عظمة في الغرب، ومركب نقص في الشرق. وأصبح المثقف إن لم يحل في ثقافته إحالات من الثقافة الغربية، وإن لم يستعمل بعض الألفاظ المعربة مثل «أبستمولوجيا»، «أنطولوجيا»، «أنثربولوجيا» بدلا من «المعرفة»، و«الوجود»، و«الإنسانيات» فإنه لا يصبح مثقفا.
لذلك وجب إنشاء «علم الاستغراب» في مقابل «علم الاستشراق» حتى يتحول العربي الإسلامي الشرقي من موضوع للدراسة إلى ذات دارسة، ويتحول الغربي، الأوروبي والأمريكي، من ذات دارسة إلى موضوع للدراسة. فينخفض مركب العظمة في الغرب، ويرتفع مركب النقص في الشرق، ويتساويان، حينئذ يمكن الحوار بين الشرق والغرب.
وهنا فقط تكتمل حركة التحرر الوطني، من الاستقلال العسكري إلى الاستقلال الثقافي أيضا.
وصدر التفسير الموضوعي للقرآن الكريم لمعرفة العلاقة بين الفكر والواقع وليس كنظرية في التفسير فقط بل كنسق فلسفي مؤيد بالآيات القرآنية، يكون في مركزه الجسد، ثم نشأة الإدراك الحسي، ثم التفكير العقلي، ثم الإحساس بالزمن، ثم تحليل العواطف والانفعالات، والصلة بين الأنا والآخر، والفرد والمجتمع، والحاضر والمستقبل، والوعي والتاريخ. فهو كتاب فلسفي وإن كان عنوانه «التفسير» يصف الإنسان في العالم ومع الآخر.
وقد يصدر في العام القادم إذا ما كان الوعي ما زال يقظا، تفسير شعوري للقرآن الكريم، لاستخراج ما يختبره الوعي ويحسه تجاه بعض الآيات فتهزه، ثم تجمع هذه المشاعر في نسق لم يتم التفكير فيه بعد، مثلا
وأصبح فؤاد أم موسى فارغا
Shafi da ba'a sani ba