لا حيلة في يدي فاعملها ... عدل من الله ما به حكما أما أن القلب لو فهم حقيقة البين قبل وقوعه، وعلم وقدر ما نفث من الروع في روعه، لبالغ في أجتنابه، واعتقد المعفى عنه من قبيل المعتنى به، ولحا الله الأطماع فإنها تستدرج المرء وتستجره، وتستخرج حين تعربه ما يسره، ما زالت تفتل في الذروة والذروة، وتحتل بالترغيب في الجاه والثروة، حتى انات عن الأحباب والحبائب، ورمت بالغريب أقصى المغارب، فيا لوحشة الوت بإيناسه، ويا لغربة أحلته في غير وطنه وناسه، ويا عجبًا للأيام وإساءتها، وقرب مسرتها من مساءتها، كأنها لم تتحف بوصال، ولم تسعف باتصال، ولم تمتع بشباب، ولم تفتح لقضاء أوطار النفس كل باب:
عجبًا للزمان عق وعاقا ... وعدمنا مسرة ووفاقا
أين أيامه وأين ليال ... كلآل تلألؤًا واتساقا
كم نعمنا بظلها فكأنما ... مد منها الصبا علينا رواقا
كم بغرناطة وحمص وصلنا ... باصطباح من السرور اغتباقا
[١٠٨ و] في ربى نجد تلك أو نهر هذي ... والأماني تجري إلينا اشتياقا
في رياض راقت رواء ولكن ... حين رق إلينا اشتياقا
رق فيها النسيم فهو نسيب ... قد سبى رقة نفوسًا رقاقا
وثنى للغصون منها قدودًا ... فتلاقى تصافحًا واعتناقا