أأحبابنا بنتم عن الار فاشتكت ... لبعدكم آصالها وضحاها
وفارقتم الدار الأنيسة فاستوت ... رسوم مبانيها وفاح كلاها
كأنكم يوم الفراق رحلتم ... بنومي فعيني لا تصيب كراها
وكنت شحيحا من دموعي بقطرة ... فقد صرت سمحا بعدكم بدماها
يراني بساما خليلي يظن بي ... سرورا وأحشائي السقام ملاها
وكم ضحكة في القلب منها حرارة ... يشب لظاها لو كشفت غطاها
رعى الله أياما بطيب حديثكم ... تقضت وحياها الحيا وسقاها
فما قلت إيها بعدها لمسامر ... من الناس إلا قال قلبي آها
قيل لقيس بن سعد هل رأيت قط أسخى منك قال نعم نزلنا بالبادية على امرأة فجاء زوجها فقالت له: إنه نزل بنا ضيفان فجاء بناقة فنحرها وقال شأنكم فلما كان من الغد جاء بأخرى فنحرها وقال شأنكم فقلنا ما أكلنا من التي نحرت البارحة إلا القليل فقال إني لا أطعم ضيفاني الفائت فبقينا عنده أياما والسماء تمطر وهو يفعل كذلك فلما أردنا الرحيل وضعنا مائة دينار في بيته وقلنا للمرأة أعتذري لنا إليه ومضينا فلما ارتفع النهار إذا برجل يصيح خلفنا قفوا فوقفنا فلما دنا منا قال خذوا دنانيركم فإني لا آخذ على إكرامي ثمنا وإن لم تأخذوها طعنتكم برمحي هذا فأخذناها وانصرفنا.
وكان يزيد بن المهلب من الأجواد الأسخياء وله أخبار في الجود عجيبة من ذلك ما حكاه عقيل بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال لما أراد يزيد بن المهلب الخروج إلى واسط أتيته فقلت أيها الأمير إن رأيت أن تأذن لي فأصحبك قال إذا قدمت واسط فائتنا إن شاء الله تعالى فسافر وأقمت فقال لي بعض إخواني أذهب إليه فقلت كان جوابه فيه ضعف قال أتريد من يزيد جوابا أكثر مما قال فسرت حتى قدمت عليه فلما كان في الليل دعيت إلى السمر فتحدث القوم حتى ذكروا الجواري فالتفت إلي يزيد وقال إيه يا عقيل فقلت:
أفاض القوم في ذكر الجواري ... فأما الأعزبون فلن يقولوا
قال إنك لا تبقى عزبا فلما رجعت إلى منزلي إذا أنا بخادم قد أتاني ومعه جارية وفرش بيت وبدرة عشرة آلاف درهم وفي الليلة الثانية كذلك فمكثت عشر ليالي وأنا على هذه الحالة فلما رأيت ذلك دخلت عليه في اليوم العاشر فقلت أيها الأمير قد والله أغنيت وأقنيت فإن رأيت أن تأذن لي في الرجوع فأكتب عدوي وأسر صديقي فقال إنما أخيرك بين خلتين إما أن
Shafi 242