أن يشعر أخوك بشيء فقال السمع والطاعة وتواعدا على ليلة فهيأ له الشيخ من التحف والظرف ما يليق بمقامه فلما نام الصاحب واستغرق في النوم وأمن انتباهه قام الشاب وتمشى خطوات وفتح باب يتوصل منه إلى الحائط فوجد شيخه واقفا ينتظره فتناوله وصار عنده في المنزل وكان ليلة البدر وتنادما ودارت بينهما كؤوس الشراب ممزوجة ببرد الرضاب وانتشى الشيخ وأخذ في الغناء وقد رمى القمر جرمه عليهما وانتبه الصاحب فلم يجد أخاه فقام فزعا مرعوبا ووجد الباب الذي استطرق منه أخوه مفتوحا فقال من هنا جاء الشر فدخل منه وصعد الحائط فوجد نورا ساطعا من البيت ونظر فرآهما على هذه الحالة والكأس بيد الشيخ وهو ينشد أحسن صوت:
سقاني خمرة من ريق فيه ... وحيا بالعذار وما يليه
وبات معانقا خدا بخد ... غزال في الأنام بلا شبيه
وبات البدر مطلعا علينا ... سلوه لا ينم على أخيه
فكان من لطافة الصاحب أن قال والله لا أنم عليكما وتركهما وانصرف انتهى.
ومن بديع ذلك ما حكاه ابن خلكان في تاريخه في ترجمة شرف الدين المعروف بابن المستوفي قال قد وصل إلى اربل بعض الشعراء وهو الشريف عبد الرحمن بن أبي الحسين بن عيسى بن علي بن يعرب في سنة ثمان وعشرين وستمائة وشرف الدين يومئذ وزير فسير له مثلوما على يد شخص كان في خدمته يقال له الكمال بن الشعار الموصلي صاحب التاريخ والمثلوم عبارة عن دينار يقطع منه قطعة صغيرة وقد
Shafi 218