من زار وخفف وتركه ودخل إلى خلوته وكان كثير المطالعة لكتب الأحاديث النبوية وكتب الرقائق كقوت القلوب وصفوة الصفوة ومناقب الأبرار وغير ذلك وكان يستحضر من ذلك وغيره شيئًا كثيرًا فإنه كان إذا طالع شيئًا علق بخاطره معناه وكانت عبارته حلوة لكن كان لفظه يناسب حديث أهل قريته فربما لحن في بعض كلامه وكان إذا كتب إلى أحد من أرباب الدول وغيرهم ورقة في حاجة سألها إما استغاثة ملهوف أو إعانة مظلوم أو تنفيس كربة أحد من المسلمين كتب من أول الورقة إلى حيث ينتهي الكلام أو يقطعها بحيث لا يكون فيها من البياض ما يكتب به كلمة واحدة اتباعا بما أمر به من عدم الإسراف فيما لا فائدة فيه فإذا وصلت ورقته سورع إلى امتثالها وحصل بها المقصود وكانت له الحرمة العظيمة عند - ص ٢ ورقة ٨ ب - سائر الناس على اختلاف طبقاتهم وتباين مراتبهم والمهابة الشديدة في صدورهم مع لطف أخلاقه ولين كلمته وله الكرامات الظاهرة وإذا حضر أحد من المشايخ وأرباب القلوب إلى يونين قصد زيارته وتأدب معه غاية الأدب أما هو فلا يمشي إلى أحد البتة ومن ورد من أرباب القلوب وسلك غير ذلك سلبه حاله ولقد سلب جماعة من الفقراء أحوالهم فيما بلغني وأدركت بعضهم وكان والدي ﵀ إذا خرج إلى يونين طلع إلى زاويته من بكرة النهار ويدخلان إلى الخلوة بمفردهما ولا يدخل أحد عليهما ولا يزالان كذلك إلى قريب الظهر وكان بينهما وداد عظيم واتحاد زائد ومحابة في الله تعالى جمع الله بينهما في دار كرامته وكنت أيام مقام والدي
﵀
1 / 26