بسم الله الرحمن الرحيم
( قال أبو علي ) إسماعيل بن القاسم القالي رحمه الله تعالى أخبرنا أبو بكر بن دريد الأزدي قال حدثنا الرياشي عن محمد بن سلام قال كتب الحجاج بن يوسف إلى قتيبة ابن مسلم إني نظرت في عمري فإذا أنا قد بلغت خمسين سنة وأنت نحوي في السن وأن امرأ قد سار إلى منهل خمسين عاما لقمن أن يكون دنا منه فسمع التيمي منه هذا فقال ( وان أمرأ قد سار خمسين حجة
إلى منهل من ورده لقريب )
Shafi 2
( قال أبو علي ) قال أبو بكر وحدثنا عبد الأول بن مرثد قال حدثني أحمد بن المعذل قال رثى محارب بن دثار عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه فقال هذه الأبيات
( كم من شريعة حق قد أقمت لهم
كانت أميتت وأخرى منك تنتظر )
( يا لهف نفسي ولهف الواجدين معي
على النجوم التي تغتالها الحفر )
( ثلاثة ما رأت عين لهم شبها
يضم أعظمهم في المسجد المدر )
( فأنت تتبعهم لم تأل مجتهدا
سقيا لها سننا بالحق تقتفر )
( لو كنت أملك والأقدار غالبة
تأتي صباحا وتبياتا وتبتكر )
( صرفت عن عمر الخيرات مصرعه
بدير سمعان لكن يغلب القدر )
( قال ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله تعالى قال حدثنا أبو الحسن الأسدي قال حدثنا الرياشي عن العتبي عن أبيه قال رأيت امرأة بضرية جالسة عند قبر تبكي وتقول هذه الأبيات
( ألا من لي بأنسك يا أخيا
ومن لي أن أبثك ما لديا )
( طوتك خطوب دهرك بعد نشر
كذاك خطوبه نشرا وطيا )
( فلو نشرت قواك لي المنايا
شكوت إليك ما صنعت إليا )
( بكيتك يا أخي بدمع عيني
فلم يغن البكاء عليك شيا )
( وكانت في حياتك لي عظات
فأنت اليوم أوعظ منك حيا )
( قال ) وأنشدنا أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش للأبيرد بن المعذر الرياحي يرثي أخاه بريدا
( تطاول ليلى لم أنمه تقلبا
كأن فراشي حال من دونه الجمر )
( أراقب من ليل التمام نجومه
لدن غاب قرن الشمس حتى بدا الفجر )
( تذكر علق بان منا بنصره
ونائله يا حبذا ذلك الذكر )
( فإن تكن الأيام فرقن بيننا
فقد عذرتنا في صحابته العذر )
Shafi 3
( وكنت أرى هجرا فراقك ساعة
ألا لا بل الموت التفرق والهجر )
( أحقا عباد الله أن لست لاقيا
بريدا طوال الدهر ما لألا العفر )
( فتى ليس كالفتيان إلا خيارهم
من القوم جزل لا ذليل ولا غمر )
( فتى إن هو استغنى تخرق في الغنى
وإن كان فقر لم يؤد متنه الفقر )
( وسامى جسيمات الأمور فنالها
على العسر حتى يدرك العسرة اليسر )
( ترى القوم في العزاء ينتظرونه
إذا شك راي القوم أو حزب الأمر )
( فليتك كنت الحي في الناس باقيا
وكنت أنا الميت الذي ضمه القبر )
( فتى يشتري حسن الثناء بماله
إذا السنة الشهباء قل بها القطر )
( كأن لم يصاحبنا بريد بغبطة
ولم تأتنا يوما بأخباره البشر )
( لعمري لنعم المرء عالى نعيه
لنا ابن عرين بعد ما جنح العصر )
( تمضى به الأخبار حتى تغلغلت
ولم تثنه الأطباع عنا ولا الجدر )
( فلما نعى الناعي بريدا تغولت
بي الأرض فرط الحزن وانقطع الظهر )
( عساكر تغشى النفس حتى كأنني
أخو نشوة دارت بهامته الخمر )
( إلى الله أشكو في بريد مصيبتي
وبثي وأحزانا يجيش بها الصدر )
( وقد كنت أستعفي الإله إذا اشتكى
من الأجر لي فيه وإن سرني الأجر )
( وما زال في عيني بعد غشاوة
وسمعي عما كنت أسمعه وقر )
( على أنني أقنى الحياء وأتقي
شماتة أقوام عيونهم خزر )
( فحياك عني الليل والصبح إذا بدا
وهوج من الأرواح غدوتها شهر )
( سقى جدثا لو استطيع سقيته
بأود فرواه الرواعد والقطر )
( ولا زال يسقى من بلاد ثوى بها
نبات إذا صاب الربيع بها نضر )
( حلفت برب الرافعين أكفهم
ورب الهدايا حيث حل بها النحر )
( ومجتمع الحجاج حيث تواقفت
رفاق من الآفاق تكبيرها جأر )
Shafi 4
( يمين أمرئ إلى وليس بكاذب
وما في يمين بتها صادق وزر )
( لئن كان أمسى ابن المعذر قد ثوى
بريد لنعم المرء غيبه القبر )
( هو المرء للمعروف والبر والندى
ومسعر حرب لا كهام ولا غمر )
( أقام ونادى أهله فتحملوا
وصرمت الأسباب واختلف النجر )
( فأي امرئ غادرتم في محلكم
إذا هي أمست لون آفاقها حمر )
( إذا الشول راحت وهي حدب ظهورها
عجافا ولم يسمع لفحل لها هدر )
( كثير رماد النار يغشى فناؤه
إذا نودي الأيسار واحتضر الجزر )
( فتى كان يغلي اللحم نيأ ولحمه
رخيص بكفيه إذا تنزل القدر )
( يقسمه حتى يشيع ولم يكن
كآخر يضحي من غبيبته ذخر )
( فتى الحي والأضياف إن روحتهم
بليل وزاد القوم ان أرمل السفر )
( إذا جهد القوم المطي وأدرجت
من الضمر حتى يبلغ الحقب الضفر )
( وخفت بقايا زادهم وتواكلوا
وأكسف بال القوم مجهولة قفر )
( رأيت له فضلا عليهم بقوة
وبالعقر لما كان زادهم العقر )
( غذا القوم أسروا ليلهم ثم أصبحوا
غدا وهو ما فيه سقاط ولا فتر )
( وإن خشعت اصواتهم وتضاءلت
من الأين جلي مثل ما ينظر الصقر )
( وإن جارة حلت إليه وفي لها
فباتت ولم يهتك لجارته ستر )
( عفيف عن الفحشاء ما التبست به
صليب فما يلفى بعود له كسر )
( سلكت سبيل العالمين فمالهم
وراء الذي لاقيت معدى ولا قصر )
( وأبليت خيرا في الحياة وإنما
ثوابك عندي اليوم أن ينطق الشعر )
( ليفدك مولى أو أخ ذو ذمامة
قليل الغناء لا عطاء ولا نصر )
Shafi 5
( قال أبو علي ) قال أبو الحسن من روى لم أنمه جعله مفعولا على السعة كما قالوا اليوم صحيه والمعنى لم أنم فيه وصمت في اليوم جعله مثل زيد ضربته ونصب تقلبا بالمعنى كأنه قال أتقلب تقلبا لأن لم أنمه بدل منه ( قال أبو علي ) ليل التمام بالكسر لا غير ولا تنزع منه الألف واللام فيقال ليل تمام فأما في الولد فيجوز الكسر والفتح ونزع الألف واللام فيقال ولد الولد لتمام ولتمام وأما ما سواهما فلا يكون فيه إلا الفتح يقال خذ تمام حقك وبلغ الشيء تمامه فأما المثل فبالكسر وهو قولهم ( أبى قائلها إلا تما ) وقرن الشمس حرفها
قال أبو الحسن من رفع تذكر فكأنه قال أمري تذكر علق ومن نصب فكأنه قال أتذكر وما قبله من الكلام بدل منه ( قال أبو علي ) العلق هو الشيء النفيس من كل شيء والعلق الحب والعلاقة أيضا الحب والعرب تقول نظرة من ذي علق أي من ذي حب والعلق الدود الذي يكون في الماء والعلق الدم فأما العلاقة بالكسر فهو ما يعلق به السوط وما أشبهه
قال أبو الحسن أنث عذرتنا لأن العذر في معنى المعذرة والعذرة والعذرى فكأنه قال عذرتنا المعذرة ( قال ) وأخبرني محمد بن يزيد قال العذر جمع عذرة مثل بسرة وبسر ( قال ) وهو أبلغ في المعنى الذي أراد لأنه يكون فيه معنى التكثير يقال عذره عذرا بعد عذر كأنه قال عذرتنا المعاذير
والصحابة والصحبة واحد ( قال أبو علي ) وهذا أمثل لأنه جعل للعذر صحابة قال أبو الحسن وسرق عبد الصمد بن المعذل معنى قوله
( وكنت أرى هجرا فراقك ساعة
ألا لا بل الموت التفرق والهجر )
فقال
( الموت عندي والفراق
كلاهما ما يطاق )
( يتعاونان على النفوس
فذا الحمام وذو السياق )
( لو لم يكن هذا كذا
ما قيل موت أو فراق )
( قال أبو الحسن ) قوله أحقا عند أهل العربية في موضع ظرف كأنه قال أفي حق عباد الله
ولألأحرك ( قال أبو علي ) العرب تقول لا آتيك ما لألأ العفر أي ما حركت أذنابها قال عدي بن زيد
( يلألئن الأكف على عدي
ويعطف رجعهن إلى الجيوب )
Shafi 6
( قال أبو الحسن ) خيارهم بدل من الفتيان وهذا بدل البعض من الكل كأنه قال فتى ليس إلا كخيار الفتيان
والجزل القوي ومنه قيل حطب جزل إذا كان قويا غليظا
( قال أبو علي ) قال الأصمعي الجزل من الرجال الجيد الرأي ( قال أبو علي ) الغمر والمغمر الذي لم يجرب الأمور والغمر بالفتح السخي الكثير العطاء قال كثير
( غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا
غلفت لضحكته رقاب المال )
Shafi 7
وإنما قال غمر الرداء لأنه أراد بقوله سخي الرجال والعرب تفعل هذا فتقول فدى لك ردائي وفدى لك ازاري ويريدون بذلك أبدانهم والغمر الغزير من الماء والغمر القدح الصغير الذي يسع دون الري ومنه قيل تغمرت أي شربت الغمر والغمر الذي يعلق باليد من الزهومة بفتح الغين والميم يقال يد غمرة والغمر الحقد يقال غمر صدره علي ودخلت في غمار الناس وخمار الناس وغمر الناس وخمر الناس أي في جماعتهم والغمرة بفتح الغين وسكون الميم الحيرة ( قال أبو الحسن ) وتخرق توسع والخرق الواسع من الأرض ( قال أبو علي ) والخرق بكسر الخاء السخي من الرجال الذي يتوسع في العطاء قال أبو الحسن يؤد يثقل قال الله عز وجل
ﵟولا يؤوده حفظهماﵞ
أي لا يثقله ( قال أبو علي ) وسامى عالى ( قال أبو الحسن ) يقال العسرة والعسر ولا يقال اليسرة كما يقال اليسر ( وقال أبو الحسن ) العزاء الذي يعزك أي يغلبك ويقهرك ( قال أبو علي ) الشهباء السنة التي يكثر الجليد فيها من شدة البرد وهذا أكثر ما يكون عندهم من الشمال لأنها في بلادهم باردة يابسة تفرق السحاب ولذلك سموها محوة غير مصروفة لأنها تمحو السحاب ( قال أبو الحسن ) البشر جمع بشير ( قال ) وكان ينبغي أن يقول البشر فأسكن للضرورة ( قال أبو علي ) وهذا عندي جائز حسن مثل كتب وكتب ورسل ورسل وبالتخفيف يقرأ أبو عمرو بن العلاء في أكثر القرآن ( قال أبو الحسن ) وجنح مال والعصر العشي ( قال أبو علي ) والعصران الغداة والعشي وكذلك البردان ( قال أبو الحسن ) تغلغلت دخلت ويقال غل في الشيء وانغل فيه إذا دخل فيه ( قال أبو الحسن ) والأطباع أراد بها الخواتم والطابع الخاتم فحذف الزائد فصار طبعا فجمعه على أطباع مثل قتب وأقتاب وجمل وأجمال ( قال ) ويروى الأصناع يريد المصانع وواحدها مصنعة فحذف الهاء لأنها بمنزلة اسم ضم إلى اسم ثم حذف الزائدة الأولى فصار صنعا فجمعه أصناعا
( قال أبو علي ) أصناع جمع صنع وهو محبس الماء ( قال أبو الحسن ) تغولت بي الأرض أي ذهبت بي ومنه ( غالته غول ) أي أذهبته وأهلكته ومنه الغضب غول الحلم ( قال أبو علي ) تغولت تلونت كانه استدارت به الأرض فتلونت في عينه مما أصابه ( قال أبو الحسن ) أقنى ألزم يقال قني حياءه إذا لزمه ( قال أبو الحسن ) أود موضع ويروى أود أيضا فلا أدري أهما اسمان لموضع واحد جاآ على لغتين أو أود غير أود فأما في بيت جرير فلا يروى إلا بالضم وهو قوله
( أهوى أراك برامتين وقودا
أم بالجنيبة من مدافع أودا )
( قال أبو علي ) الوقود بفتح الواو الحطب وبضمها اللهب
والجأر مصدر جأر يجأر جأرا والجؤار الإسم وهو صوت مع تضرع ( قال أبو علي ) والكهام الكليل الحد من السيوف وأراد به ههنا الرجل
Shafi 8
والنجر والنجار والنجار الأصل والنجار أيضا اللون ( قال أبو الحسن ) وقد يكون النجار جمع نجر ( قال ) والغبيبة اللحم المتغير الريح ( قال أبو علي ) والبليل الريح الباردة التي معها بلل ( قال ) وأرمل السفر نفدت أزوادهم وكذلك أقووا وهما عندي من الرمل والقواء وهو القفر كأنه صار بموضع ليس فيه شيء غير الرمل وبالموضع الخالي الذي لا يجد في شيأ ثم كثر ذلك حتى قيل لكل من نفد زاده قد أرمل وقد أقوى قال الله تعالى
ﵟنحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوينﵞ
( قال ) والضفر حبل مضفور يجعل في أعالي الحمل والحقب في أسفله فيقول من شدة ضمره بلغ الأعلى الأسفل وأكسف غير والبال الحال وتضاءلت ضعفت وجلى بين كذا قال أبو الحسن ( قال أبو علي ) وهو جيد في الإشتقاق وقد روى أبو عبيدة جلي ببصره إذا رمى به ويلفى يوجد ويروى يلقى بالقاف ( قال أبو الحسن ) ينطق الشعر ينطق ههنا يبين ( قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال حدثنا سعيد بن هرون عن التوزي عن أبي عبيدة قال لما هلك أبان بن الحجاج وأمه أم ابان بنت النعمان بن بشير فلما دفنه قام الحجاج على قبره فتمثل بقول زياد الأعجم
( ألآن لما كنت أكمل من مشى
وافترنابك عن شباة القارح )
( وتكاملت فيك المروءة كلها
وأعنت ذلك بالفعال الصالح )
فلما انصرف إلى منزله قال أرسلوا خلف ثابت بن قيس الأنصاري فأتاه فقال أنشدني مرثيتك في ابنك الحسن فأنشده
( قد أكذب الله من نعى حسنا
ليس لتكذيب موته ثمن )
( أجول في الدار لا أراك وفي الدار أناس جوارهم غبن )
( بدلتهم منك ليت أنهم
أضحوا وبيني وبينهم عدن )
فقال له الحجاج ارث ابني أبان فقال له إني لا أجد به ما كنت أجد بحسن قال وما كنت تجد به قال ما رأيته قط فشبعت من رؤيته ولا غاب عني قط إلا اشتقت إليه فقال الحجاج كذلك كنت أجد بأبان ( قال أبو علي ) وحدثني أبو عبد الله عند قراءتي عليه قصيدة ابن أحمر
( شط المزار بجدوى وانتهى الأمل ) قال مدح بهذه القصيدة النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري وبشير بن سعد عقبي بدري أنصاري والنعمان أول مولود ولد في الإسلام من الأنصار وآخر من ولي الكوفة لمعاوية بن أبي سفيان وقتلته كلب في فتنة مروان وكان عثمانيا
Shafi 9
وقرأت قصيدة زياد الأعجم على أبي بكر بن دريد فقال زياد الأعجم كنيته أبو أمامة وكان في كتابي للصلتان فقال هو هي لزياد الأعجم وكان ينزل إصطخر ورثى بهذه القصيدة المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة ( قال ) وأنشدنا هذه القصيدة أبو الحسن الأخفش لزياد الأعجم وفي الروايتين اختلاف وتقديم وتأخير في الابيات ورواية أبي بكر أتم أولها في روايته
( يا من بمغدى الشمس أو بمراحها
أو من يكون بقرنها المتنازح )
وروى أبو الحسن أو من يحل بقرنها وروى هذا البيت في وسط القصيدة
( قل للقوافل والغزاة إذا غزوا
للباكرين وللمجد الرائح )
وروى أبو الحسن والغزي إذا غزوا والباكرين وهذا البيت أول القصيدة
( إن السماحة والمروءة ضمنا
قبرا بمرو على الطريق الواضح )
( فإذا مررت بقبره فاعقر به
كوم الجلاد وكل طرف سابح )
ويروى طرف طامح
( وانضح جوانب قبره بدمائها
فلقد يكون أخادم وذبائح )
( واظهر ببزته وعقد لوائه
واهتف بدعوة مصلتين شرامح )
( آب الجنود معقلا أو قافلا
وأقام رهن حفيرة وضرائح )
( وأرى المكارم يوم زيل بنعشه
زالت بفضل فواضل ومدائح )
( رجفت لمصرعه البلاد وأصبحت
منا القلوب لذاك غير صحائح )
( ألآن لما كنت أكمل من مشى
وافترنابك عن شباة القارح )
( وتكاملت فيك المروءة كلها
وأعنت ذلك بالفعال الصالح )
( فكفى لنا حزنا ببيت حله
احدى المنون فليس عنه ببارح )
( فعفت منابره وحط سروجه
عن كل طامحة وطرف طامح )
( وإذا يناح على امرئ فتعلمن
أن المغيرة فوق نوح النائح )
( تبكي المغيرة خيلنا ورماحنا
والباكيات برنة وتصايح )
( مات المغيرة بعد طول تعرض
للموت بين أسنة وصفائح )
Shafi 10
( والقتل ليس إلى القتال ولا أرى
سببا يؤخر للشفيق الناصح )
( لله در منية فاتت به
فلقد أراه يرد غرب الجامح )
( ولقد أراه مجففا أفراسه
يغشى الأسنة فوق نهد قارح )
( في حجفل لجب ترى أبطاله
منه تعضل بالفضاء الفاسح )
( يقص الحزونة والسهولة إذ غدا
بزهاء أرعن مثل ليل جانح )
( ولقد أراه مقدما أفراسه
يدني مراحج في الوغى لمراحج )
( فتيان عادية لدى مرسى الوغى
سبنوا بسنة معلمين حجاحج )
( لبسوا السوابغ في الحروب كأنها
غدر تحيز في بطون أباطح )
( قال أبو علي ) كذا أنشدناه أبو الحسن تحيز بالزاي فزاد أبو بكر تحير بالراء ولم ينكر تحيز وكلاهما عندي جائز حسن وروى أبو الحسن رحمه الله تعالى في متون أباطح
( وإذا الضراب عن الطعان بدالهم
ضربوا بمرهفة الصدور جوارح )
( لو عند ذلك قارعته منية
قرع الحواء وضم سرح السارح )
( كنت الغياث لأرضنا فتركتنا
فاليوم نصبر للزمان الكالح )
( فانع المغيرة للمغيرة إذا غدت
شعواء مجعرة لنبح النابح )
( صفان مختلفان حين تلاقيا
آبوا بوجه مطلق أو ناكح )
( ومدجج كره الكماة نزاله
شاكي السلاح مسايف أو رامح )
( قد زار كبش كتيبة بكتيبة
يودي لكوكبها برأس طامح )
( غيران دون نسائه وبناته
حامي الحقيقة للحروب مكاوح )
( سبقت يداك له بعاجل طعنة
شهقت لمنفذها أصول جوانح )
( والخيل تضيح بالكماة وقد جرت
فوق النحور دماؤها بسرائح )
( يا لهفتا لك كلما
خيف الغرار على المدر الماسح )
( تشفي بحلمك لأبن عمك جهله
وتذب عنه كفاح كل مكافح )
Shafi 11
( وإذا يصول بك ابن عمك لم يصل
بمواكل وكل غداة تجالح )
( صل يموت سليمه قبل الرقى
ومخاتل لعدوه بتصافح )
( وإذا الأمور على الرجال تشابهت
وتنوزعت بمغالق ومفاتح )
( فتل السحيل بمبرم ذي مرة
دون الرجال بفضل عقل راجح )
( وأرى الصعالك للمغيرة أصبحت
تبكي على طلق اليدين مسامح )
( كان الربيع لهم إذا انتجعوا الندى
وخبت لوامع كل برق لامح )
( كان المهلب بالمغيرة كالذي
ألقى الدلاء إلى قليب المائح )
( فاصاب جمة ما استقى فسقى له
في حوضه بنوازع ومواتح )
( أيام لو يحتل وسط مفازة
فاضت معاطشها بشرب سائح )
لم يرو أبو الحسن رحمه الله تعالى من قوله أن المهالب إلى قوله رفاع ألوية
( أن المهالب لن يزال لهافتى
يمري قوادم كل حرب لاقح )
( بالمقربات لواحقا آطالها
تجتاب سهل سباسب وصحا صح )
( متلببا تهفو الكتائب حوله
ملح المتون من النضيح الراشح )
( ملك أغر متوج يسمو له
طرف الصديق بغض طرف الكاشح )
( رفاع ألوية الحروب إلى العدى
بسعود طير سانح وبوارح )
( قال أبو علي ) قال الأصمعي الجلد الكبار من الإبل التي لا صغار فيها وأنشد
( تواكلها الأزمان حتى أجأنها
إلى جلد منها قليل الأسافل )
والأسافل الصغار ههنا ( قال أبو علي ) وجمعها جلاد وإنما قيل للكبار جلد لأنها قد اشتدت وصلبت ولم يقل الصغار لأنها لينة رطبة ( قال أبو علي ) وقوله مصلتين يعني أصلتوا سيوفهم أن سلوها
Shafi 12
والشرامح جمع شرمح وهم الطوال وقوله مجففا أفراسه يعني ألبسها التجافيف وتعضل تنشب ومنه عضلت القطاة إذا نشب بيضها فلم يخرج وتحيز تدافع والمكافح المجالد بنفسه ومنه لقينه كفاحا
والمكاوح بالواو المجاهد ( قال أبو علي ) ويقال فلان شاكي السلاح وشائك السلاح إذا كانت لسلاحه شوكة وفلان شاك في السلاح إذا دخل في الشكة والشكة السلاح والسرائح السيور واحدها سريحة وهي سيور نعال الإبل
والوكل الذي يتكل على غيره والتجالح التكاشف
( قال ) وأنشدنا أبو بكر ر حمه الله تعالى قال أنشدنا أبو حاتم عن أبي عبيدة لأم عمرو أخت ربيعة بن مكدم ترثى أخاها ربيعة وقتلته بنو سليم
( ما بال عينك منها الدمع مهراق
سحا فلا عازب عنها ولا راقي )
( أبكي على هالك أودى فأورثني
بعد التفرق حزنا حره باقي )
( لو كان يرجع ميتا وجد ذي رحم
أبقى أخي سالما وجدي واشفاقي )
( أو كان يفدى لكان الأهل كلهم
وما أثمر من مال له راق )
( لكن سهام المنايا من نصبن له
لم ينجه طب ذي طب ولا راقي )
( فاذهب فلا يبعدنك الله من رجل
لاقى التي كل حي مثلها لاقي )
( فسوف أبكيك ما ناحت مطوقة
وما سريت مع الساري على ساقي )
( أبكي لذكرته عبرى مفجعة
ما إن يجف لها من ذكرة ماقي )
وأنشدنا أبو علي لأبي بكر بن دريد رحمه الله تعالى
( على أي رغم ظلت أغضي وأكظم
وعن أي حزن بات دمعي يترجم )
( أجدك ما تنفك ألسن عبرة
تصرح عما كنت عنه تجمجم )
( كأنك لم تركب غروب فجائع
شباهن من هاتا أحد وأكلم )
( بلى غير أن القلب ينكؤه الاسى الملم وإن جل الجوى المتقدم )
( وكم نكبة زاحمت بالصبر ركنها
فلم يلف صبري واهيا حين يزحم )
( ولو عارضت رضوى بأيسر درئها
لظلت ذرى أقذافها تتهدم )
Shafi 13
( وقد عجمتني الحادثات فصادفت
صبورا على مكروهها حين تعجم )
( ومن يعدم الصبر الجميل فإنه
وجدك لا من يعدم الوفر معدم )
( أصارفة عني بوادر حدها
فجائع للعلياء توهي وتحطم )
( لها كل يوم في حمى المجد وطأة
تظل لها أسبابه تتجذم )
( إذا أجشمت جياشة مصمئلة
قفت إثرها دهياء صماء صيلم )
( أم الدهر أن لن تستفيق صروفه
مصرفة نحوي فجائع يقسم )
( وساءلت عن حزم أضيع وهفوة
أطيعت وقد ينبوا الحسام المصمم )
( فلا تشعري لذع الملام فؤاده
فإنك ممن رعت باللوم ألوم )
( ولم تر ذا حزم وعزم وحنكة
على القدر الجاري عليه يحكم )
( متى دفع المرء الأريب بحيلة
بوادر ما يقضى عليه فيبرم )
( ولو كنت محتالا على القدر الذي
نبابي لم أسبق بما هو أحزم )
( ولكن من تملك عليه أموره
فمالكها يمضي القضاء فيحتم )
( وما كنت أخشى أن تضاءل همتي
فأضحي على الأجن الصرى أتلوم )
( كأن نجيا كان يبعث خاطري
قرين إسار أو نزيف مهوم )
( وما كنت أرضى بالدناءة خطة
ولي بين أطراف الأسنة مقدم )
( وما ألفت ظل الهوينا صريمتي
وكيف وحداها من السيف أصرم )
( ألم تر أن الحر يستعذب المنى
تباعده من ذلة وهي علقم )
( ويقذف بالأجرام بين لها الردى
إذا كان فيه العز لا يتلعثم )
( سأجعل نفسي للمتالف عرضة
وأقذفها للموت والموت أكرم )
( بأرضك فارتع أو إلى القبر فارتحل
فإن غريب القوم لحم موضم )
( تندمت والتفريط يجني ندامة
ومن ذا على التفريط لا يتندم )
Shafi 14
( يصانع أو يغضي العيون على القذى
ويلذع بالمرى فلا يترمرم )
( على أنني والحكم لله واثق
بعزم يفض الخطب والخطب مبهم )
( وقلب لو أن السيف عارض صدره
لغادر حد السيف وهو مثلم )
( إلى مقول ترفض عن عزماته
أوابد للصم الشوامخ تقضم )
( صوائب يصرعن القلوب كأنما
يمج عليها السم أربد أرقم )
( وما يدري الأعداء من متدرع
سرابيل حتف رشحها المسك والدم )
( أبل نجيد بين أحناء سرجه
شهاب وفي ثوبيه أضبط ضيغم )
( إذا الدهر أنحى نحوه حد ظفره
ثناه وظفر الدهر عنه مقلم )
( وإن عضه خطب تلوى بنابه
وأقلع عنه الخطب والناب أدرم )
( ولم تر مثلي مغضيا وهو ناظر
ولم تر مثلي صامتا يتكلم )
( وبالشعر يبدي المرء صفحة عقله
فيعلن منه كل ما كان يكتم )
( وسيان من لم يمتط اللب شعره
فيملك عطفيه وآخر مفحم )
( جوائب أرجاء البلاد مطلة
تبيد الليالي وهي لا تتخرم )
( ألم تر ما أدت إلينا وسيرت
على قدم الأيام عاد وجرهم )
( هم اقتضبوا الأمثال صعبا قيادها
فذل لهم منها الشريس الغشمشم )
( وقالوا الهوى يقظان والعقل راقد
وذو العقل مذكور وذو الصمت أسلم )
( ومما جرى كالوسم في الدهر قولهم
على نفسه يجني الجهول ويجرم )
( وكالنار في يبس الهشيم مقالهم
ألا إن أصل العود من حيث يقضم )
( فقد سيروا مالا يسير مثله
فصيح على وجه الزمان وأعجم )
( قال ) وحدثني أبو مسهر أن الأحنف بن قيس خرج من عند معاوية رضي الله عنه فخلفه بعض من كان في المجلس فقدح فيه فبلغ ذلك الأحنف فقال ( عثيثة تقرم جلدا أملسا )
Shafi 15
( قال ) وأخبرني عبد الله بن إبراهيم الجمعي قال نشأ في قريش ناشئان رجل من بني مخزوم ورجل من بني جمح فبلغا في الوداد ما لم يبلغ بالغ حتى كان إذا رؤي أحدهما فكأن قد رئيا جميعا ثم دخلت وحشة بينهما من غير شيء يعرفانه فتغيرا فلما كان ليلة من الليالي استيقظ المخزومي ففكر ما الذي شجر بينهما وكان المخزومي يقال له محمد والجمعي يحيى فنزل من سطحه وخرج حتى دق عليه بابه فاستيقظ له فنزل إليه فقال له ما جاء بك هذه الساعة قال جئتك لهذا الذي حدث ما أصله وما هو قال قفال والله ما أعرف له أصلا قال عبد الله فبكيا حتى كادا يصبحان ثم عاد كل واحد منهما إلى منزله فأصبح المخزومي وهو يقول
( كنت ويحيى كبدي واحد
نرمي جميعا ونرامى معا )
( يسرني الدهر إذا سره
وإن رمينا بالأذى أوجعا )
( حتى إذا ما الشيب في مفرقي
لاح وفي عارضه أسرعا )
( وشى وشاة فرقوا بيننا
فكاد حبل الوصل أن يقطعا )
وزاد غير عبد الله بن إبراهيم
( فلم ألم يحيى على وصله
ولم أقل خان ولا ضيعا )
( قال ) وقال حدثنا أبو سعيد السكري قال أتي عبد الملك بعود فقال للوليد بن مسعدة الفزاري ما هذا يا وليد قال عود يشقق ثم يرقق ثم يلصق ثم تعلق عليه أوتار ويضرب به فيضرب الكرام رؤسها بالحيطان وامرأته طالق إن كان أحد في المجلس ألا ويعلم منه مثل ما أعلم أنت أولهم يا أمير المؤمنين قال إسحاق أنشدني غرارة الخباط يهجو أبا السمي المغني
( كأن أبا السمى إذا تغنى
يحاكى عاطسا في عين شمس )
( يلوك بلحيه طورا وطورا
كأن بلحيه ضربان ضرس )
Shafi 16
( قال إسحق ) وقع بين رجل وامرأته شر فتهاجرا أياما ثم وثب عليها فأخذ برجلها فلما فرغ قالت آخزاك الله كلما وقع بيني وبينك شر جئتني بشفيع لا أقدر علي رده
وأنشد لحسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه
( ان يأخذ الله من عيني نورهما
ففي لساني وقلبي منهما نور )
( قلب ذكي وعقل غير ذي رذل
وفي فمي صارم كالسيف مأثور )
قال أبو الحسن حفظي غير ذي دخل ( قال ) وقال بعث روح بن حاتم إلى كاتب له بثلاثين ألف درهم وكتب إليه قد بعثت إليك بثلاثين ألف درهم لا أقللها تكبرا ولا أكثرها تمننا ولا أستثيبك عليها ثناء ولا أقطع بها عنك رجاء والسلام وأنشد
( أمد يدا عند الوداع قصيرة
وأبسطها عند اللقاء فأعجل )
وأنشد أبو هفان عن إسحاق لنفسه
( سأشرب ما دامت تغني ملاحظ
وإن كان لي في الشيب عن ذاك واعظ )
( ملاحظ غنينا بعيشك وليكن
عليك لما استحسنته منك حافظ )
( فأقسم ما غنى غناءك حاذق
مجيد ولم يلفظ كلفظك لافظ )
( وفي بعض هذا القول مني مساءة
وغيظ شديد للمغنين غائظ )
Shafi 17
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال لقيت أعرابيا بمكة فقلت له ممن أنت قال أسدي قلت ومن أيهم قال نهدي قلت من أي البلاد قال من عمان قلت فأنى لك هذه الفصاحة قال أنا سكنا قطرا لا نسمع فيه ناجخة التيار قلت صف لي أرضك قال سيف أفيح وفضاء صحصح وجبل صردح ورمل أصبح قلت فما مالك قال النخل قلت فأين أنت عن الإبل قال أن النخل حملها غذاء وسعفها ضياء وجذعها بناء وكربها صلاء وليفها رشاء وخوصها وعاء وقروها إناء ( قال أبو علي ) الناجخة الصوت يقال للمرأة إذا كان يسمع لفرجها صوت عند الجماع نجاخة وفي رجز رؤبة
وازجر بني النجاخة الفشوش والتيار الموج والسيف شاطئ البحر وأفيح واسع والفضاء الواسع من الأرض والصحصح الصحراء والصردح الصلب والأصبح الذي يعلو بياضه حمرة والرشاء الحبل والقرو وعاء من جذع النخل ينبذ فيه وقال الكسائي القرو القدح كما قال الشاعر
( وأنت بين القرو والعاصر )
وقال غيره القرو نقير من خشب يجعل فيه العصير والشراب قال أبو عبيد وهذا أشبه ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله تعالى قال أخبرنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال كان بالبصرة رجل من موالي بني سعد يقال له ثبيت وكان كثير الصلاة صالحا وكانت الأعراب تنزل عليه فنزل به قوم منهم ليلة فلم يعشهم وقام يصلي فقال رجل منهم
( لخبز يا ثبيت عليه لحم
أحب إلي من صوت القران )
( تبيت تدهور القرآن حولي
كأنك عند رأسي عقربان )
( فلو أطعمتني خبزا ولحما
حمدتك والطعام له مكان )
واختلفوا في العقربان فقال قوم هو ذكر العقارب وقال قوم هو دخال الأذن وهو الوجه ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا دماذ قال أخبرنا أبو عبيدة قال كان بالبصرة طفيلي صفيق الوجه لا يبالي ما أقدم عليه فقال فيه بعض البصريين
( يمشي المدعاة مستثفرا
مشي أبي الحرث ليث العرين )
( لم تر عيني آكلا مثله
يأكل باليسرى معا واليمين )
( تلعب في القصعة أطرافه
لعب أخي الشطرنج بالشاه بين )
وعن دماذ أيضا قال كان بالبصرة طفيلي قد آذى الناس فقال فيه بعض ظرفاء البصريين هذه الأبيات
Shafi 18
( وضعت يديك في التطفيل حتى
كأنك من بني جشم بن سعد )
( أو الجعراء جندبها وكعب
فشيشة أو لضبة بنت أد )
( أو الصعر الأنوف بني هجيم
لريح قلية العود المغدي )
( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي
( من كان يزعم أن سيكتم حبه
حتى يشكك فيه فهو كذوب )
( الحب أغلب للفؤاد بقهره
من أن يرى للستر فيه نصيب )
( وإذا بدا سر اللبيب فإنه
لم يبد إلا والفتى مغلوب )
( إني لأبغض عاشقا متسترا
لم تتهمه أعين وقلوب )
( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أحمد بن يحيى لعروة ابن الورد يقوله للحكم بن زنباع العبسي
( ولم أسألك شيأ قبل هذا
ولكني على أثر الدليل )
( قال أبو علي ) قال أبو العباس يقول دلني عليك من يحمدك وهذا مثل معنى قول الأعشى
( فأقبلت أرتاد ما خبروا
ولولا الذي خبروا لم ترن )
( وقال أبو علي ) حدثنا أبو بكر قال حدثني أبي عن العباس بن ميمون قال حدثني العتبي قال قال أعرابي فلان إذا نظرت إليه مومسة سقط خمارها وإذا رأته العيدان تحركت أوتارها
قال أبو بكر وحدثني أبي قال حدثني أبو سعيد الحارثي عبد الرحمن ابن محمد بن منصور قال حدثنا محمد بن سلام قال سمعت يونس النحوي يقول في قوله جل وعلا
ﵟفاليوم ننجيك ببدنكﵞ
ننجيك نجعلك على نجوة من الأرض وهي المكان المرتفع ببدنك بدرعك وأنشد لأوس بن حجر
( دان مسف فويق الأرض هيدبه
يكاد يدفعه من قام بالراح )
Shafi 19
( فمن بنجوته كمن بعقوته
والمستكن كمن يمشي بقرواح )
( قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن بن خلف قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أبو عبدالله القرشي قال حدثنا عبد الله بن عبد العزيز قال أخبرنا ابن العلاء أحسبه أبا عمرو بن العلاء أو أخاه عن جويرية بن أسماء عن إسماعيل بن أبي حكيم قال بعثني عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه في الفداء حين ولي فبينا أنا أجول في القسطنطينية إذ سمعت صوتا يتغنى
( أرقت وبان عني من يلوم
ولكن لم أنم أنا والهموم )
( كأني من تذكر ما ألاقي
إذا ما أظلم الليل البهيم )
( سليم مل منه أقربوه
وودعه المداوى والحميم )
( وكم بين العقيق إلى المصلى
إلى أحد إلى ما حاز ريم )
( إلى الجماء من وجه أسيل
نقي الخد ليس به كلوم )
( يضىء دجى الظلام إذا يراه
كضوء البدر منظره وسيم )
( ولما أن دنا منا ارتحال
وقرب ناجيات السير كوم )
( أتين مودعات والمطايا
علا أكوارها خوص هجوم )
( فقائلة ومثنية علينا
تقول وما لها فينا صميم )
( وأخرى لبها معنا ولكن
تستر وهي واجمة كظوم )
( تعد لنا الليالي تحتصيها
متى هو حائن منا قدوم )
( متى تر غفلة الواشين عنا
تجد بدموعها العين السجوم )
Shafi 20
قال أبو عبد الله القرشي والشعر لنقيلة الأشجعي ( قال ) وسمعت العتبي يقول صحف في اسمه فقال نفيلة ( قال إسماعيل بن أبي حكيم ) فسألته حين دخلت عليه فقلت له من أنت قال أنا الوابصي الذي أخذت فعذبت فجزعت قد خلت في دينهم فقلت أن أمير المؤمنين بعثني في الفداء وأنت والله أحب من أفديه إلي إن لم تكن بطنت في الكفر قال والله لقد بطنت في الكفر فقلت له أنشدك الله قال أأسلم وهذان ابناي وإذا دخلت المدينة قال أحدهم يا نصراني وقيل لولدي وأمهم كذلك لا والله لا أفعل فقلت له لقد كنت قارئا للقرآن قال والله لقد كنت من أقرإ الناس فقلت ما بقي معك من القرآن قال لا شيء غير هذه الآية
ﵟربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمينﵞ
فعلمت أن الشقاوة غلبت عليه ( قال أبو علي ) أنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الله بن خلف قال أنشدني أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن جميل
( غزتني بجيش من محاسن وجهها
فعبالها طرفى ليدفع عن قلبي )
( فلما التقى الجمعان أقبل طرفها
يريد اغتصاب القلب قسرا على الحرب )
( ولما تجارحنا بأسياف لحظنا
جعلت فؤادي في يديها على العضب )
( وناديت من وقع الأسنة والقنا
على كبدي يا صاح مالي وللحب )
( فصرت صريعا للهوى وسط عسكر
قتيل عيون الغانيات بلا ذنب )
( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال أجواد أهل الحجاز ثلاثة عبد الله بن جعفر وعبيد الله بن العباس وسعيد بن العاص وأجواد أهل الكوفة ثلاثة عتاب بن ورقاء وأسماء بن خارجة وعكرمة بن ربعي وأجواد أهل البصرة ثلاثة عبيد الله ابن أبي بكرة وعبيد الله بن معمر وطلحة بن عبد الله الخزاعي
وسأل رجل أبا حاتم عن قول العامة البصرة فقال وهو خطأ إنما سميت البصرة للحجارة البيض التي في المربد وأنشد
( سقى البصرة الوسمي من غير حبها
فإن بها مني صدى لا يريمها )
وأنشدنا التوزي لعمر بن أبي ربيعة وكان قدم البصرة وأقام بها أياما
Shafi 21