الجهل، يتمسك بطرف من الكتابة الساذجة، وأما غدره فالنار برأس اليفاع، من أفحشه صنعه بهشام المخلوع مولى نعمته ومعلي رتبته، وباعثه إلى الثغر لنصرته، فانقلب ناصرًا لعدوه، وغزاه في عقر داره، وأنزله عن سريره، وأسلمه لحتفه، وباع دماء عشيرته أهل قرطبة مجانًا باطلًا بلا ثمن من البرابرة على غير عذر، ولا ضرورة. وعاد بمثلها بمحمد بن سليمان أثيره عندما استجار به في نكبته، فقتله وهو ضيفه، فجاء بها صلعاء مشهورة لم تغسلها معذرة؛ إلا أنه كان كريمًا، واتفق على تفضله، وعمرت لذلك حضرته سرقسطة، حتى أشبهن الحضرة الكبرى قرطبة أيام الجماعة، فحسنت أيامه، وهتف المداح بذكره.
وكان مع سموه للمعالي من الإيثار لشهواته، والمسارعة لقضاء لذاته، والانهتاك في طلب راحته، والشغف بزي دنياه، والكلف بزخرفها، والتهالك في حبها، على أضلع ما كان عليه من تفرد بشأنها، فاتخذ الجواري الحسان، وملاح الغلمان، فجلب إليه كل علق خطير، وحصل عنده من كل ما وصفناه كثير.
وكان لأول ولايته قد ساس عظماء الإفرنج وهاداهم حوطًا للثغر وأهله، وتأنيًا للجماعة حتى تثوب لأهل الإسلام، يناهضون بها عدوهم. وكان رؤساء الجلالقة يومئذ ريمند الجليقي وشانجه القشتلي، فسلك معهما سبيل الاسترضاء، والموافقة والاستخذاء، فحفظت أطرافه وكفت المعرة عن عمله، وربما أوقع ببعض أصاغر القوامس في أطرافهم وسبى منهم، وريمند وشانجه باقيان على