والدامور وشارون ومجدل بعنا وكفر عميه، وخصه بأربعين فارسا بنفقتهم؛ وذلك لمحاربة الإفرنج ومقاومتهم.
ثم مات كرامة وله أربعة أولاد، فحدث أن والي بيروت من الإفرنج في تلك الأيام نصب للثلاثة الكبار من هؤلاء الأولاد مكيدة، فقتلهم ليلا في قلعة بضواحي المدينة، وفي صباح اليوم التالي سار بجماعة من الإفرنج إلى حصن سرحمور ودك الحصن وأحرق القرى المجاورة له، وأسر من بلت يده بهم من الناس.
وأما الأصغر من أولئك الأولاد جحى، ولقبه جمال الدين، فقد فرت به أمه من وجه الإفرنج إلى خربة الدوير، وكان عمره حينئذ سبع سنين، وأقام ولد عمه علي بعرمون.
ولما كانت سنة 1187 أتى الملك صلاح الدين يوسف الأيوبي مدينة بيروت يروم فتحها وإخراج الإفرنج منها، فلقيه الأمير جحى في الطريق عند خلده وانضم معه، ولما تم للملك فتح المدينة طيب الملك نفس الأمير جحى وأقره في مكان أبيه وإخوته من الإمارة؛ جزاء له على الصدق في الموالاة.
وفي سنة 1193 كتب الملك نور الدين الأيوبي إلى الأمير جحى يأمره بالمحافظة على الطاعة ويحضه على الجهاد، وأقطعه أنحاء الغرب جميعها. وفي سنة 1246 قتل الأمير نجم محمد بن جحى وأخوه الأمير علي في ثغرة الجوزات بكسروان، وكان للأمير محمد ولدان - جمال الدين جحى، وسعد الدين خضر - فالأمير جمال الدين ولد خمسة أولاد منهم الأمير نجم الدين محمد؛ فهذا عق أباه وطلع عنه إلى عيناب، ومن سلالته أمراء هذه القرية. ولما كانت سنة 1249 كتب الملك الصالح أيوب إلى الأمير زين الدين بن علي، فأقطعه القماطية وبمكين وشملال وبتاثر وكفر عميه وما يتبع هاته القرى من المزارع؛ كل ذلك ترغيبا له في حماية الثغور الموكول إليه حمايتها في الأنحاء الغربية، وثبت في يده ما جرى عليه وعلى أبيه من قبله من الإقطاعات؛ كبيصور ومجدليا والدوير وثلث عرمون وكيفون والبيرة، وما يتبع هذه القرى من المزارع.
وفي سنة 1256 استحصل الأمير جمال الدين جحى من الملك الناصر صلاح الدين يوسف على عهد يقره في عدة إقطاعات؛ منها: عرمون، وعين درافيل، وطردلا، وعين كسور، ورام طون، وقدرون، ومرتغون، والسباحية، وسرحمور، وعيناب، وعين عنوب، والدوير. وفي سنة 1257 بعث المعز أيبك ملك مصر إلى الأمير سعد الدين خضر بن محمد عهدا في قرى من دون قرى الغرب التي كانت في يد أخيه الأمير جحى، فاشتمل ذلك العهد من الشوف الحيثي على المعاصر الفوقية ونيحا وبعذران وعين ماطور وبتلون، ومن الشوف السويجاني على عين وزية وكفر نبرخ وبريح وغريفة، ومن وادي التيم على تنورا والظهر الأحمر، ومن إقليم الخروب على برجا وبعاصير وشحيم.
وفي هاته السنة نفسها حدثت موقعة كبيرة بين الأمراء التنوخيين وبين ولاة بعلبك والبقاع الذين زحفوا إلى الأمراء حتى التقى الفريقان عند عيتات من قرى الغرب، فاقتتلا هناك اقتتالا شديدا كان الفوز فيه للتنوخيين، فانهزم الولاة شر هزيمة، ونهب ما كان معهم.
وفي سنة 1259 وفد الأمير جمال الدين جحى بن محمد والأمير زين الدين بن علي على كتبوغا نائب هولاكو ملك التتر في دمشق بعد أن باتت هذه المدينة تحت سلطة التتر، وأبديا الطاعة له، ولكن لما اتصل بهما نبأ قدوم الملك المظفر قطز بالعساكر المصرية ولم يدريا لأي منهما يكون النصر؛ اتفقا على أن أحدهما الأمير زين الدين ينضم إلى العساكر المصرية وأن الآخر الأمير جمال الدين يقيم عند التتر بدمشق. ولما وقعت بينهما الواقعة عند عين جالوت انهزم التتر فتحصن فريق كبير في ذروة الجبل، فحاصرهم مماليك سلطان مصر، وكان فيهم الأمير زين الدين بارعا في رماية النبال، حتى أعجب المماليك إصابته؛ فجعلوا يمئنون قوسه من جعبهم، ولكن لما ذاع أنه سبق لهذا الأمير أن وفد على التتر بدمشق أمر بضرب عنقه ولم ينج إلا بشهادة المماليك أنه شهد معهم حصار التتر في ذروة الجبل، وكانت له فيه النبال الصائبة لقلوب الأعداء.
وفي سنة 1260 جدد الملك الظاهر بيبرس للأمير جمال الدين جحى بن محمد العهد في قرية عالية، ومجد لبعنا، وشارون، وعرمون، وعين درافيل، وطردلا، ودفون، وعين كسور، وقدرون، وشملال، ومرتغون، والسباحية، وسرحمور، وبطلون، وعيناب، والدوير، وبتاتر، وبيصور، وكفر عميه، وعيتات.
وفي سنة 1270 كتب نائب دمشق أقوش النجيبي إلى الأمير زين الدين علي والي الأمير جمال الدين جحى يثني عليهما، وأيد ذلك ما كتبه إليهما الملك الظاهر بيبرس مادحا لهما وواعدا إياهما بجزاء عن صدقهما في الخدمة، غير أنه لم يلبث أن تغيظ عليهما بسبب ما وشي إليه فيهما، فسجن الأمير زين الدين في مصر، والأمير جمال الدين في الكرك، وأخاه الأمير سعد الدين في قلعة عجلون، ثم ضم الثلاثة في سجن مصر فلبثوا فيه إلى أن توفي الملك الظاهر، وقام بعده الملك السعيد فأخرجهم من السجن، وكتب إلى نائب الشام كتابا يقول فيه بعدم رضاه عما حل بالأمراء من الأذى ، ويأمر برد المسلوب منهم إما عينا وإما قيمته - إن كان المسلوب قد هلك - ووجه الأمير جمال الدين إلى الديار الشامية، ثم كتب إلى نواب الديار الشامية والصفدية والأكراد والبعلبكية والحمصية يلومهم على ما أتوه في بلاد الأمراء التنوخيين في الغرب، ويأمرهم برد المسلوب، ويحذرهم من المخالفة، ثم عاد أرباب الفتنة فوشوا فيهم وشاية من مثل الوشاية الأولى؛ وهي أنهم متحدون سرا مع إفرنج الثغور، غير أنه لم يفلح الوشاة؛ إذ ظهر كذبهم بشهادة عدة من الشهود.
Shafi da ba'a sani ba