وقال الأشعر الرقبان - وهو شاعر جاهلي من بني أسد - يخاطب ابن عمٍ له يسمى رضوان، يصفه بالشر واللؤم والنذالة والفسولة:
بِحَسْبِكَ في القومِ أنْ يَعلَموا ... بأنَّكَ فِيهم غَنيٌّ مُضِرْ
وقَدْ عَلِمَ المَعْشَرُ الطارِقُوكَ ... بأنَّكَ للضَّيْفِ جُوعٌ وَقُرْ
إذا ما انْتَدى القَوْمُ لمْ تأتِهِم ... كأنَّكَ قَدْ وَلَدَتْكَ الحُمُرْ
مَسِيخٌ مَليخٌ كَلَحْمِ الحُوَار ... فَلا أَنْتَ حُلْوٌ ولا أَنْتَ مُرْ
قوله: غنيٌّ مُضر، فالمُضِرّ: الذي له ضَرّة من المال، وهي القطعة من المال والإبل والغنم، أو المال الكثير، كما هنا، وانتدى القوم: اجتمعوا في ناديهم، والمسيخ: الذي لا طعم له، والمليخ مثله، وخص به بعض اللغويين الحوار الذي ينحر حين يقع من بطن أمه فلا يوجد له طعم، وقال ابن الأعرابي: المليخ من الرجال: الذي لا تشتهي أن تراه عينك فلا تجالسه ولا تسمع أذنك حديثه، والحوار: ولد الناقة ساعة تضعه. . . ومما يحسن إيراده في هذا الباب للبسته واشتباهه قول عمر ﵁ وقد قيل له: فلان لا يعرف الشر - فقال: ذاك أوقع له فيه، إذ أن معناه: أن لا يكون الإنسان مغفلًا وإنما الواجب الفطنة والحذر وسوء الظن بالناس، لما جبل عليه سوادهم من الشر واللؤم والخداع، وفي معناه يقول حكيم لابنه: استعذ بالله من شرار الناس وكن من خيارهم على حذر. . . وقد كان
الفاروق ﵁ لا يقعقع له بالشنان وكان سيئ الظن بالناس، يدل على ذلك شدته وصرامته
1 / 11