قد جوز لها أن ينوب لها الصمت عن الكلام فإذا أبت بالذي كان هذا منه بدلا لم ينب عنه، وكان دونه فصار البدل من الشيء أقوى من المبدل منه.
وهذا خارج عن عوائد الناس، فيما يفهمون من المخاطبة والأمر والنهي، بعيد من عرفهم، غير معاني الشافعي في اتباع النصوص، الذي يزعمت أنه رحمة لأهل الحديث، في دعوتهم إليهم، حتى كادت الفرق الحديث، وأنه انتاش أصحابه من الهلكة، ومن قول المبطلين.
فإما أن تعاود معانيه وأصوله في اتباع الحديث والنصوص، فتصحح ألفاظك، وتدخل مدخل النجاة من الهلكة ومن قول المبطلين على لسانك وتجيب إلى ما دعاك إليه.
وإن أقمت على خلافه في ذلك وثبتت على أصولك، بطلت ألفاظك ها هنا، ودخلت مع سائر من نكل عن إجابته، ومدخل من نسبته إلى المبطلين والهالكين.
فقد عاد هذا الطعن منك على مالك بأسرع على الشافعي ولو كنت أفصحت بمذاهبه ومذاهبك في اتباع الحديث لم [] وعلم الناظر في ذلك أن طعنك على الشافعي أشد، وأنك في خصومته ألد.
وإن عذرت الشافعي فيما لم تعذر في مثله غيره، كنت متلاعبا
وكذلك إن سلمت للشافعي ما نسب إليه خصماءه من خلاف الحدث، ولم تسلم إليهم ما نسبوه إليه من خلاف الحديث، لقد عدلت عن الإنصاف، لأن كل فريق منهما يقول بالمعاني في الحديث، وإن اختلفت أدلتهم.
1 / 302