وبعد سنة واحدة من هجرة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة انتهى العمل في بناء مسجد النبي والحجرات الواقعة في أطرافه، وكان أغلب الأوس والخزرج قد أسلموا ولم يبق على شركه إلا طوائف يسيرة من الأوس(49).
وكان لمسلمي الأوس والخزرج طيلة فترة إقامة النبي صلى الله عليه وآله في المدينة ( دامت عشر سنوات ) خدمات كبيرة إلى الإسلام، حيث وقفوا إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله ونصروه وآزروه في حروبه مع أعداء الإسلام، فقد سار معه منهم إلى فتح مكة أربعة آلاف رجل(50). وقد استحق هؤلاء الأنصار أن يثني عليهم الله تبارك وتعالى في قرآنه، في قوله تعالى « والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم »(51)
وفي المقابل استطاع رسول الله صلى الله عليه وآله بجهوده المتواصلة إنقاذ الأوس والخزرج ( الأنصار ) من الشرك، وأحل أجواء الصفاء والمودة بينهم محل نيران الخلافات والمنازعات، وأبعدهم عن الأخلاق الجاهلية الذميمة، وأبدلهم بها الأخلاق الإسلامية السامية، فأضحوا مضرب الأمثال في الإخاء والمودة والتفاني والتضحية والإيثار.
قبيلة طيء
من القبائل القحطانية الكبيرة، وقد ذكر علماء الأنساب في نسبها: طيء بن أدد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ. ويتفرع من طيء قبائل كثيرة، أشهرها قبيلتا جندب بن خارجة بن فطرة بن طيء والغوث بن طي.
وتسكن قبيلة طيء أراضي الجوف التي تسكنها أيضا مراد وهمدان. وقد هاجرت هذه القبيلة بعد هجرة الأزد، فحطت رحالها في سميرا وفيد من أراضي نجد بجوار قبيلة بني أسد، واحتلت جبلي « أجأ » و« سلمى » اللذين كانا في يد بني أسد، ثم احتلت جزءا من أرض تميم بين نجد والحيرة.
واشتهرت طيء بالبداوة، حيث دارت المعارك الضارية حتى بين القبائل المتفرعة منها، ومن جملتها حرب « الفساد » التي دارت بين بني جديلة وبني الغوث.
Shafi 18