فقالت أودينا مداعبة ومشيرة إلى خدها: وجنتا الصنم كذبتا كذبا صراحا. - هل اصفر أحمرها وجلا؟ - بل اخضر ورقا.
فقالت أوجستينا ضاحكة : تبا لك، أتعنين أن شيئا أخضر نبت فيهما؟ - أي وربي، نبت فيهما عذاران ... أ ... جميلان. - ويك، أعذاران؟ أشعر نبت فيهما كما يبدو في خد الفتى؟ - نعم، إذ لم يتسن له أن يحلق منذ وقع أسيرا إلى اليوم، فتأملي أن تري شبحا في ثوب مرأة أنيق وعلى خديه عذاران وعلى شفته شارب.
وجعلت أوجستينا تقلب الرق في يديها وقالت: أما هي سابعة اللواتي قبضت الشرطيات عليهن حين مرورهن على جسر ترمودون حين خسوف القمر؟ - بلى هي، هي. - هل علمت متى عبرت المتنكرة العاشرة على الجسر. - لا، لأن ذلك المتنكر لم يبت في الفندق إلا أمس، وقد جاء إليه متأخرا ولم يخرج منه إلى أن أعتقل. - ائتيني بهذا المعتقل العاشر أولا، وحافظي على السابع جيدا ريثما أنتهي من التحقيق مع ذاك أولا.
وبعد أن خرجت أودينا جعلت سيدة القضاء تخاطب نفسها: حقا، لم يكن نطق الهيكل عبثا، سنرى أي الدواهي في صدري هذين الرجلين المتنكرين، هل لهما غرض واحد، أم أنهما لا يلتقيان عند غرض واحد.
وفي الحال دخلت أودينا تقود رجلا متنكرا بثوب امرأة، وفي يديه غل (سلسلة حديدية) متصل بطوق في عنقه، وعلى وجهه لثام تبدو من خلاله عينان حادتان، لأن السجن في نفس الجدار.
ثم أشارت أوجستينا إلى أودينا أن تخرج، ورفعت أوجستينا اللثام عن وجهه، فبدا لها رجل في آخر سن الشباب، دميم الوجه، ذو أنف أشم. وجلست وهو بقي واقفا أمامها وسألت: كيف دخلت إلى البلد من غير أن تشتبه بك امرأة أمازونية أو شرطية الحدود لكي تصدك عن الدخول.
فقال بأنفة وكبرياء: دخلت مستترا بغلس الليل الماضي. - أين كنت في نهار أمس. - كنت مارا في الحدود. - كيف جرؤت وأنت تعرف أن قانون الأمازونيات يحرم دخول الرجال إلى بنطس تحت طائلة القصاص.
خاطرت مضطرا لأمر ليس فيه مساس بقانون البلاد.
فقالت بنزق: ما هو؟ - لي حبيبة جاريجارية يأباها علي أهلها، وقد اضطهدوها لأجلي، فلجأت إلى عاصمة بنطس وجئت أبحث عنها لكي نتفاوض بتدبير موافق لكلينا. - وي. وي . لقد أصبحت بنطس ملجأ للعشاق ... ما اسمك يا هذا، وما اسم حبيبتك؟ - مولاتي أرجو أن تعفيني من هذا السؤال. العادة عندكن أن الهاربات إليكن بسبب غير مشين يلجأن إلى الهيكل، وكنت مزمعا أن أقصد إليه لكي أسأل عن حبيبتي هناك، فاعتقلت قبل أن يأتي الليل، فأرجو أن تسمحي بأرسالي إلى الهيكل، وهناك يثبت صدق دعواي. - لا أجيب طلبك إلا إذا اعترفت بهويتك وبهوية حبيبتك. - مولاتي، أعتقد أن قضاء الأمازونيات الجليل الشريف يسمح لي بكتمان هويتي وهوية حبيبتي حرصا على كرامتنا، وأظن أن إبلاغك أمري إلى قداسة كاهنة الهيكل الجليلة يريحك ويريحني من عناء التحقيق.
وهنا نادت أوجستينا أودينا وقالت لها: ردي هذا المعتقل إلى كنه ثم تعالي.
Shafi da ba'a sani ba