فلما أجابوا الفقيه جمال الدين، إلى ما دعاهم إليه من الحق الصريح، والمذهب المستقيم الصحيح، ورجعوا إلى مذهب الزيدية، بالتحقيق والتصريح، وتابوا من نسبة القبائح إلى بارئ البرية، [342] ونزهوه عن الأقوال الفرية. فعند ذلك أصاب المجبرة من البلاء المقيم والمقعد، والمنحدر والمصعد، وجاءوا قضهم بقضيضهم متألبين، واجتمعوا متعصبين {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون}[الصف: 8]، وأحتد مزاج كاتب(1) القرطاس، فأرعد وأبرق، وشنع وتفيهق، وتكلف بما يعجز عنه طوقه، ويقصر عنه ذرعه، ولا يبلغه فهمه وعلمه، من إطفاء نور الشمس الظاهر وتسويد وجه القمر الزاهر، وأنشأ كتابه إلى عوام جهاته، ملبسا عليهم، بما ألقى إليهم، من أنواع جهالاته، لما خلى له جو ناحيته، عن فرسان الكلام، وأعلام علماء الإسلام، فأورد في كتابه من الكلامات الغثة، والشبهات الرثة، ما روج به باطله على الطغام، وأمضى بشبهته على أولئك العوام، حتى اعتقدوا أن الزيدية مبطلون، وعن الحق عاطلون، وتكلم بكلام من لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري، فنسب إلى فضلاء الزيدية، أشياع العترة الزكية، ما لا يقولون، ولا إليه يذهبون.
Shafi 118