فلما كان في شهر شعبان وصلت الكتب من مكة من زعيمها وهو الشريف الأمير أبي نمي ابن سعد بن علي بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسني الموسوي، واتصلت الأخبار من غيره من العلماء من هنالك، وكثر الكلام بحدوث حادثة وهي زلزلة عظيمة في مدينة الرسول ثم سكنت، وذلك يوم الثلاثاء ثالث شهر جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة. ثم وقعت بعد ذلك زلزلة عظيمة حتى سقط بعض قناديل الحرم المحمدي صلوات الله على صاحبه وآله واضطربت الجدران وتمايل بعضها، وظن أهل المدينة أنها القيامة فلاذوا بالقبر الشريف، ثم استمرت الزلزلة إلى ليلة الجمعة، ثم حدث دخان عظيم إلى الحمرة في شرقي قباء عند مآثر بني قريظة على أميال من المدينة، ثم طلعت منارات لها أعمدة صاعدة في الهواء وكان لها قصف ولجب، فأمر صاحب المدينة من يأتيهم منها بخبر [بياض](1) فما استطاع أحد أن يقربها فرقا من قصفها، وعند ذلك شاع ذكرها في البلاد، وأخذ الناس في الأهبة للمعاد.
وروي أن ضوءها رأي على مسافة أربع عشرة مرحلة، فكتب أمير المؤمنين المهدي لدين الله رب العالمين -عليه السلام- كتابا عاما إلى بلاد المسلمين يذكرهم بالله ويحثهم على التوبة والإخلاص، ونظر في كتب الأخبار ودلائل القيامة في تجريد صحاح الأخبار التي يرويها الفقهاء ويشهد بصحتها راوية العلماء من أهل البيت -عليهم السلام- وشيعتهم في رواية عن النبي -صلى الله عليه وآله- أنه قال: ((لا تقوم الساعة حتى تخرج نارا من الحجاز)) قال: ((تضيئ لها أعناق الإبل ببصرى))(2). وفي رواية أخرى مع امارة [بياض](3). آخر ذكر الدخان، انتهى ما ذكره صاحب السيرة المهدية -رضي الله عنه-(4). وقد ذكرنا أمر هذه النار في مواضع عدة من هذا الكتاب المبارك من رواية الذهبي وغيره.
Shafi 343